46
وإلقاء النوى» 1وعن الكاظم عليه السلام:
«. . . ولكن السرف أن تلبس ثوب صونك في المكان القذر» 2. بل جاء في روايات عديدة أن الأئمة عليهم السلام كانوا يأخذون فتات الخبز المطروحة في حواشي المائدة، ويأمرون به أصحابهم خشية الإسراف والتبذير.
إذا عرفت ذلك، فلا يخفى عليك أن ذبح الأضاحي مع دفنها أو إحراقها، أو طرحها حتّىٰ تتعفّن بحيث لا تأكلها الكلاب أيضاً، من أوضح مصاديق الإسراف والتبذير الممنوعين شرعاً، ولا سيّما إذا كان بهذا المقدار والعدد الكبير، الذي قد يبلغ المليون أو أكثر، فهل يرضى الشارع الحكيم بمثل هذا الإسراف الفاحش؟ وما الدليل علىٰ خروجه عن محكمات الآيات والروايات الواردة في حرمة الإسراف والتبذير حتى في النواة وفضل ماء الشرب؟
فإن قيل: هذا في طريق إطاعة أمر اللّٰه.
قلنا: هذه مصادرة على المطلوب، فإن تعلّق الأمر به أوّل الكلام، كما عرفت فيما سبق، مع أنّ كونه من المصاديق العرفية للإسراف والتبذير لا ريب فيه، فتعمّه اطلاقاتهما بلا ريب.
والخلاصة: أن قوة إطلاقات أدلة الإسراف والتبذير واستحكامها يكون إلىٰ حدّ تعمّ تضييع أخسّ الأشياء، فضلاً عن تضييع المئات والآلاف من نعم اللّٰه.
إذا عرفت هذا، فيأتي الكلام في أنّه ما النسبة بين الدليلين: دليل وجوب الأضحية، ودليل حرمة الإسراف؟
تارة نقول: إنّ دليل وجوب الأضحية لا إطلاق له بالنسبة إلى مصاديق يومنا هذا - كما هو الحق - فلا كلام ولا إشكال. وتارة أخرى نقول بأن له إطلاقاً يشمل ما نحن فيه، فإن كانا من قبيل المتعارضين كانت النسبة بينهما العموم من وجه، واللازم تقديم تعميمات الإسراف؛ لأنها أقوىٰ دلالة على المطلوب، فإن