212نصرانيه، فما هذا الدين؟
فراح جعفر رضوان اللّٰه عليه يبين له حيث قال:
. . أيها الملك كنّا قوماً على الشرك، نعبد الأوثان، ونأكل الميتة، ونسيء الجوار، ونستحلّ المحارم. . وغيرها، لا نحلّ شيئاً ولا نحرّمه، فبعث اللّٰه إلينا نبياً من أنفسنا نعرف وفاءَه وصدقَه وأمانتَه، فدعانا إلىٰ أن نعبد اللّٰه وحده لا شريك له، ونصلَ الرحم، ونُحسِنَ الجوار، ونصلّي للّٰهتعالىٰ، ونصوم له، ولا نعبد غيره، فقال:
هل معك شيء مما جاء به؟ وقد دعا أساقفته فأمرهم فنشروا المصاحف حوله، فقال له جعفر: نعم، فقال: هلمّ فاتلُ عليَّ ما جاء به. فقرأ عليه صدراً من كهٰيٰعص فبكىٰ واللّٰه النجاشي حتىٰ أخضل لحيته، وبكت أساقفته حتىٰ أخضلوا مصاحفهم. ثم قال: إن هذا الكلام ليخرج من المشكاة التي جاء بها موسى؛ انطلقوا راشدين، لا، واللّٰه لا أردهم عليهم، ولا أنعمكم عيناً، فخرجنا من عنده، وكان أتقى الرجلين فينا عبداللّٰه بن أبي ربيعة، فقال عمرو بن العاص: واللّٰه لأثنينه غداً بما أستأصل به خضراءهم 1. فلأخبرنه أنهم يزعمون أن إلهه الذي يعبد عيسىٰ بن مريم عبد.
فقال له عبداللّٰه بن أبي ربيعة: لا تفعل. . فإنهم إن كانوا خالفونا فإن لهم رحماً ولهم حقاً، فقال: واللّٰه لأفعلن، فلما كان الغد دخل عليه، فقال: أيها الملك، إنهم يقولون في عيسىٰ قولاً عظيماً، فأرسل إليهم فسلهم عنه، فبعث إليهم، ولم ينزل بنا مثلها. فقال بعضنا لبعض: ماذا تقولون له في عيسىٰ إن هو سألكم عنه؟
فقالوا: نقول واللّٰه الذي قاله اللّٰه تعالىٰ، والذي أمرنا به نبينا صلى الله عليه و آله أن نقول فيه: فدخلوا عليه وعنده بطارقته، فقال: ما تقولون في عيسىٰ بن مريم؟
وهنا أيضاً كان جعفر رضوان اللّٰه عليه هو المحاور فقال له: نقول: هو عبدُ اللّٰه ورسوله وكلمتهُ وروحهُ ألقاها إلىٰ مريم العذراء البتول، فدلى النجاشي يده إلى الأرض، فأخذ عوداً بين أصبعيه، فقال: ما عدا عيسىٰ بن مريم ما قلت هذا