176
أمن الحرم
محسن الأسدي
الدعاء كان السمة البارزة في حركة جميع الأنبياء وبالذات في حركة نبيّ اللّٰه إبراهيم الخليل عليه السلام وهو يخطو خطواته المتقنة في مسيرته المباركة؛ لتنفيذ أوامر السماء في جوف تلك الصحراء النائية، وفي ذلك الوادي المقفر الأجرد الذي تظلله الجبال ذات الصخور الصماء وتحف به التلال، وهو بين لحظة وأخرىٰ يرمق السماء رافعاً يديه متوسّلاً باللّٰه تعالىٰ أن يسدّد خطواته، وأن يعينه علىٰ ما أمره به. فكان من دعائه عليه السلام: ربِّ اجعل هذا بلداً آمناً . .
صفة الأمن ما أعظمها وما أروعها وما أوقعها في النفوس! فبدونها تفقد الحياة كلّ معانيها الجميلة، وكل ما فيها من خير وعطاء. فالأمن ضرورة لكلّ تقدم وحضارة وبناء. خاصّة لذلك الوادي الذي يُراد له أن يكون مكاناً تنبعث منه رسالة السماء إلى النّاس كافّة. وتؤدىٰ فيه أدقّ عبادة وأشقّها. . وبغير أمان وطمأنينة قد لا يستطيع أحد أداء مناسكها علىٰ ما هو مرسوم لها، ولا يتمكن أحد من أن يعمر ذلك الوادي وإلّا، قل لي: كيف تؤدى مثل هذه الفريضة ذات المناسك