169الخلاف قوله عليه السلام: «إذا دخلت الحرم. .» فإنه يحتمل الخصوصية للحرم ولمكة، كما أن التعليل بطيب الفم يدل علىٰ أن الخصوصية للمسجد الحرام.
وأمّا الدخول من أعلاها فمستنده صحيحة معاوية بن عمار عن الصادق عليه السلام في صفة حج رسول اللّٰه أنه صلى الله عليه و آله «دخل من أعلىٰ مكّة من عقبة المدنيين، وخرج من أسفل مكّة من ذي طوى» وموثقة يونس بن يعقوب الدالة عليه أيضاً 1.
وجرىٰ بحث بين الفقهاء في كون الحكم خاصاً بمن أراد المجيء إليها من المدينة أم أنه عام للجهات الأخرىٰ. فحكى في الجواهر عن المقنعة والتهذيب والمراسم والوسيلة والسرائر أنه خاص واستدل به بأنه مقتضى التأسي بالرسول صلى الله عليه و آله والوارد في موثقة يونس بن يعقوب. وردّ في الجواهر أن التأسي يقتضي الأعم، وأن التقييّد الوارد في موثقة يونس مذكور في كلام السائل 2فمن الطبيعي أن يأتيه الجواب مقيّداً بجهة المدنية، مؤيداً بذلك المحقّقَ في الشرائع والشهيدين في الدروس والروضة من عمومية الحكم للمدني وغيره.
وأمّا الدخول حافياً علىٰ سكينة ووقار فدليله حسنة معاوية بن عمار عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: «من دخلها بسكينة غفر له ذنبه، قلت: كيف يدخلها بسكينة؟ قال: يدخلها غيرمتكبّر ولامتجبّر» 3وفيخبر اسحق عن الصادق عليه السلام:
«لا يدخل رجل مكة بسكينة إلّاغفر له، قلت: وما السكينة؟ قال: بتواضع» 4.
وهذان النصّان وغيرهما ممّا ورد في المقام لم يرد فيها ذكر الحفاء، الذي نصّ عليه المحقّق في الشرائع والنافع ومحكي القواعد والمبسوط والوسيلة، وظاهر الجمل والعقود والاقتصاد و المهذب و السرائر و الجامع، ولذا فسّر صاحب الجواهر ذلك بأنّ الحفاء منالتواضع المذكور؛ ولذا ردّ علىٰ كشفاللثام بأنّتوقفه فيهفي غير محلّه 5.
وورد في نص آخر عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: «إذا هبط الرجل منكم وادي مكّة، فالبسوا خلقان ثيابكم أو سمل ثيابكم، فإنه لم يهبط وادي مكّة أحد ليس في قلبه من الكبر إلّاغفر له» 6.