121الرسوم المعتادة، عندها قبل ذلك المغربي السماح لقارتيما بالنوم والالتجاء إلىٰ بيته.
بدأ «قارتيما» يصلّي الى اللّٰه. وكانت صلاته كلّها عصبية وخوف، ثمّ سمع أثناء اختبائه في داخل بيت المغربي صوت نافخ البوق في القافلة السورية داعياً الحرّاس للتجمّع. علىٰ حين كان قارتيما مختبئاً بأمان في بيت المغربي، وفي أقصىٰ ركن سرّي من ذلك البيت. وهكذا رحلت القافلة السورية إلىٰ دمشق ومعها المغربي والجمال الخمسة عشر المحملة بالتوابل دون دفع الرسوم 1.
وفي معرض وصفه لهزيمته، يذكر «قارتيما» أنه اختبأ في بيت أحد المسلمين في مكّة إلىٰ حين خروج موكب الحج الشامي منها، لكنه يذكر أنه كان من حسن ظنه أن أحبته إحدىٰ قريبات صاحب البيت فساعدته على التخفّي والهرب 2مع إحدى القوافل الذاهبة إلىٰ جدّة، فإلى السفن الراسية هناك تنتظر الحجاج الهنود لإرجاعهم إلىٰ بلادهم.
وفي جدّة كان عليه أن يتظاهر بالمرض والفقر. وكان هنالك جمهور وحشد كبير من الناس قدّرهم «قارتيما» بخمسة عشر ألفاً. وكانوا في كرب حقيقي وهو يقول: «لقد كانت الحرارة شديدة هنا، وقد بدا الرجال وكأن أجسادهم قد جفّت بسبب الحرارة، وأصيب الكثيرون بالمرض» . ومع ذلك فقد وجد أحد ربابنة السفن الذي وافق، بعد أخذ الثمن، على اصطحابه معه في سفينته إلىٰ بلاد العجم» .
ولم يكن قدره أن يترك بلاد العرب بالسهولة التي تصوّرها. ففي عدن شكّوا في أمره وظنّوا أنه جاسوس، وذلك بسبب الحساسية التي ولدتها الحملات البرتغالية إلىٰ بلاد العرب، وهكذا حملوه سجيناً إلىٰ أمير اليمن الذي ألقاه في غياهب السجن. . وعندما طُلب منه، خلال الاستجواب، أن ينطق بالشهادتين، خانته شجاعته لأوّل مرّة في حياته المغامرة. فلم يستطع أن يتفوّه بتلك الكلمات، وهو يعلّق علىٰ ذلك بقوله: «لقد كان ذلك بإرادة اللّٰه، أو بسبب الخوف الذي اعتراني فلم استطع ان أتفوّه ببنت شفة» .