120بعد ذلك، يخبرنا عن الأماكن التي تُراق بها دماء الأضاحي من الحيوانات، كما يقول، في «منىٰ» خارج مكّة. . «لقد رأيت هناك حشداً من الفقراء، يزيد علىٰ عشرين ألفاً (. .) وهؤلاء يحفرون خنادق في الأرض يشعلون فيها النيران التي يُغذّيها روث الحيوانات، ويشوون اللحوم التي تُعطىٰ لهم ويأكلونها وهم في أمكنتهم. ثمّ يصف باختصار الهدية التي أرسلها امبراطور الحبشة إلىٰ سلطان مكّة، وهي عبارة عن زوج من حيوان أحادي القرن. . 1وبعد أن أدّىٰ «قارتيما» مناسك الحج كلها في المدينة ومكّة، علىٰ ما يقول، استطاع بتدبير خبيث أن يهرب من القافلة وزملاؤه الحرّاس عليها إلىٰ جدّة، ومن هناك أبحر عن طريق البحر الأحمر إلىٰ إيران 2ومنها إلىٰ مناطق أخرىٰ؛ ليكمل المهمة الموكولة إليه، علىٰ ما يبدو.
الهروب من الحجاز
ونترك هنا المجال لكاتب غربي هو «برينت» ؛ ليسلط بعض الضوء على المهمّة الخاصة التي كان «قارتيما» منغمساً فيها، حيث يقول: «لم يكن «قارتيما» من الأشخاص الذين يعودون من الطريق نفسه التي أتوا منها، فهو يريد السفر والترحال إلى الأمام؛ ليرىٰ بلداناً أخرىٰ وعجائب أخرىٰ. ولقد مرّت به فترات تعرّض فيها للخطر، وهي التي جلبت له تلك الفرصة السانحة للتجوال، فقد كُشِف أمره، وعُرف أنه أوروپي، وتعرّف عليه أحد المغاربة كمسيحي، والمغاربة معروفون باتساع مدىٰ رحلاتهم الى البندقية وجنوه. ولذا فقد تدبّر «قارتيما» أمره، وأقنع ذلك المغربي أنه قد اعتنق الدين الإسلامي عن صدق وإيمان، وتظاهر بكراهيته للمسيحيين بصورة عامة وللبرتغاليين بصورة خاصة، وهم الذين حولوا التجارة إلى البحر الأحمر. ومقابل ذلك أقنع رئيس القافلة المملوكي أن يسمح للمغربي بإخراج خمسة عشر جملاً محملة بالتوابل إلىٰ خارج مكّة، دون دفع