100بشكلين، أو هما روح واحدة في بدنين.
ويمكننا القول - زيادة في التوضيح - إنّ الانجذاب والعشق يتجلّيان في أفعال العاشق بصورتين مختلفتين: فطوراً بالهدوء والتأمّل والانفراد والترنّم بأسرار الحبّ، وطوراً بالنهوض والحركة والعجز عن امتلاك زمام النفس، التجلّي الأوّل هو الصلاة، والتجلّي الثاني هو الطواف.
الطواف والصلاة مظهران لأطهر وأقدس وأروع حالات الإنسان، وأكثرها جذباً وروحانية وملكوتية، (الصلاة معراج المؤمن) .
وليست هناك حالة أُخرىٰ ينتفع فيها الإنسان إلىٰ هذا الحدّ بالوصال والقرب التام من سرّ الخلق، وكنه الوجود، ومعشوق العالم، ومعبود الكلّ.
الطواف - من زاوية أُخرىٰ - تصوير للسير الدائري لكلّ نظام الخليقة علىٰ محور الخالق الذي منه يبدأون وإليه ينتهون. الطواف تجسيد للسير الدائري - المحيِّر، والحائر - لكلّ ذرّات عالم الوجود.
والطواف - في الوقت نفسه - بدايةٌ لدوران جديد، وعثورٌ جديد على المحور، يعيد حياة الإنسان المنفصل عن الحقيقة والدائر علىٰ محاور الدنيا الباطلة، إلى الدوران علىٰ محور الحقّ والعدل والطهارة. وإذا ما كان المحور الذي تدور عليه حركتنا وأعمالنا هو الحرص والطمع، وهذه الأهداف الدنيوية الفانية المادّية، فإنّ الطواف هو المغيّر لهذا المحور الذي تدور عليه حياتنا.
وفي الطواف رمز آخر، وهو أنّهُ يدعو الإنسان ذا الأُفق الضيّق والبعد الواحد إلى النظر من جميع الجوانب، ويجلب انتباهه إلىٰ جميع الجهات.
الطواف سير في اللانهاية، ودوران من الحقّ إلى الحقّ، وأنت تصبح بهذا السير إنساناً لا يهدف إلّا إلى الحقّ، ولا يدور إلّاعلىٰ محور الحقّ يفضل الطواف كالصلاة معراج للمؤمن. الطواف الصلاة في عرضه للحركة وعدم الاستقرار، والصلاة