260كبيرة كمّاً ونوعاً طالت رجالهم وممتلكاتهم، حيث فقدوا فيها القيادات المؤثرة في سير الأحداث من بقايا المهاجرين والأنصار وخصوصاً المشاركين في بدر حيث كانت لهم مكانة خاصة عند المسلمين، وبفقدانهم فقدت المدينة مؤهلاتها القيادية كما يقول الدكتور ابراهيم بيضون: (ان المحنة العظيمة التي نزلت بهم في الحرّة دفعتهم الى العزلة التامة وانتهت بهم الىٰ زوال دورهم السياسي بصورة نهائية) 1.
فالمآسي التي تعرض لها أهل المدينة والوحشية التي واجهها الجميع بقيت ماثلة أمامهم، أدّت بهم الى الركون الىٰ حياة الدعة والانسحاب من الأحداث الساخنة، ولم تبرز للعيان عملية مشابهة للحرّة إلّافي سنين متأخرة من الحكم الأموي والحكم العباسي.
وقد أصبحت مدينة الرسول صلى الله عليه و آله و سلم في حكم بني أمية (كالواحة في الصحراء التي تحيط من جهاتها الأربع الكآبة الموحشة، والظلام الدامس، ولم تسترد المدينة قط عهودها الغابرة حتّىٰ أصبحت في عصر بني أمية بلدة الماضي السحيق) 2.
ثالثاً: انكشاف حقيقة الحكم الأموي:
لم يستطع يزيد أن يستمر في إضفاء الشرعية علىٰ حكمه والباسه لباساً اسلامياً بعد الذي حدث في واقعة كربلاء وواقعة الحرّة، فقد أبدىٰ يزيد فرحه بما جرىٰ علىٰ أهل المدينة وأنشد شعر ابن الزبعري مستشفياً بقتلىٰ أهل الحرّة مصرّحاً بأخذ ثأر بدر منهم، وقد كشفت الممارسات اللاإنسانية الحقيقة التي أخفاها الأمويون والمتمثلة بإحياء المفاهيم والقيم الجاهلية من جديد، فلم يستطع يزيد ولا ولاته ولا بعض الفقهاء السائرين وراء مصالحهم الذاتية من