209وعبدان كاتب إلى البحرين وأمره بدعوة النّاس هناك إلىٰ مذهبه، مُعزّزاً بعثته بالأموال والرسائل والتوصيات الخاصّة بذلك.
ولما وصل أبوسعيد إلى البحرين تزوّج هناك امرأة من بني سنبر وبدأ بنشر دعوته بين عرب تلك المنطقة فالتفَّ حوله كثيرون، واستطاع بمساعدتهم فتح مدن كثيرة في تلك الأنحاء فانضمَّ إليه عدد كبير من العشائر والقبائل إمّا من خوف ورهبة أو مودّة ورغبة (25) .
ويذكر الطبري في تقرير موجز عن ذلك قائلاً:
في هذه السنة (286) خرج رجلٌ من القرامطة يُدعىٰ أبوسعيد الجنابي في البحرين فاجتمع حوله جماعة من الأعراب والقرامطة. . . فاشتدت شوكته وقويت دعوته. فقتل كثيراً من الحضر ثمّ رحل إلىٰ موضع يسمّى القطيف، التي تبعد عدّة منازل عن البصرة وقثل جمعاً كثيراً منهم كذلك. وقيل إنّه كان يرغب في فتح البصرة، فلمّا علم والي البصرة بنيّة القرامطة كتب إلى السلطان يخبره بذلك، فأمره السلطان بجمع الخراج والصدقات ويبني بتلك الأموال سوراً حول البصرة. فكانت مخارج هذا العمل قد وصلت إلىٰ أربعة عشر ألف دينار. وبالفعل فقد استطاع البصريون من بناء سورٍ حول المدينة لحمايتهم من أيّ اعتداء (26) .
ويورد ابن عماد الحنبلي تفاصيل أكثر حول هذه الحادثة حيث يقول: لقد بني السور المحيط بالبصرة بأمر من المعتضد العبّاسي في حين كان ابوسعيد يشتغل بالكيالة، ويقول عن لقبه: إنّه كان من «جنابة» وهي إحدىٰ قُرى الأهواز. ثمّ ينقل عن الصولي قوله: أنَّ أبوسعيد كان معوزاً فقيراً يبيع الطحين. فجاء إلى البحرين وهناك بدأ ينشر دعوته فانضمَّ إليه جمعٌ ممّن بقي من الزنج واللّصوص، فاشتدت شوكته وتمكّن من دحر جيوش الخليفة مرّات عدّة آنذاك.
وطبقاً لما رواه ثابت بن سنان: فإن قرامطة البحرين شنّوا هجوماً علىٰ