177مستطيعاً بذلك، سواء أكان الباذل أجنبيّاً أم قريباً، وسواء أبذل له الركوب والزاد، أم لا. وعن الشافعي أنّه إذا بذل له ولده ما يتمكّن به من الحجّ لزمه؛ لأنّه تمكّن من الحجّ من غير منّة تلزمه، ولا ضير يلحق به» . وقال الإمامية: إذا أعطاه مالاً علىٰ سبيل الهدية دون أن يشترط عليه الحجّ لم يجب عليه كائناً من كان الباذل، وإن بذل مشترطاً عليه الحجّ وجب القبول، ولايجوز أن يرفض، حتّىٰ ولو كان الباذل أجنبيّاً؛ لأنّه والحال هذه يكون مستطيعاً 1.
أهل السنّة وأقوالهم في المسألة:
لم أجد حتّىٰ رواية واحدة حول الحجّ البذلي فيما عندهم من كتب الحديث وإنّما الموجود هو الأقوال المنقولة عن علماء المذاهب الأربعة السنيّة، نستعرضها:
المذهب الشافعي:
قال الشافعي في كتاب الأمّ: ومن كفاه غيره مؤونته أجزأت عنه متطوّعاً أو بأجرة لم ينتقض حجّه إذا أتىٰ بما عليه من الحجّ، ومباح له أن يأخذ الأجرة ويقبل الصدقة، غنيّاً كان أو فقيراً، الصلة لاتحرم علىٰ أحد من النّاس، إنّما تحرم الصدقة علىٰ بعض النّاس. وليس عليه إذا لم يجد مركباً أن يسأل ولا يؤاجر نفسه وإنّما السبيل الذي يوجب الحج أن يجد المؤونة والمركب من شيء كان يملكه قبل الحجّ أو في وقته 2.
وللشافعية قول آخر وهو إنّه لايلزم الحجّ إذا بذل المال ولد أو أجنبي، ولا يجب قبوله، لما في قبول المال من المنّة 3.
وهذا القول موافق لما سأنقل من ساير المذاهب السنّية الأخرىٰ، وأمّا ما نقلت من كتاب الأم فهو موافق لمذهب الإمامية كما لايخفىٰ.