13الثامنة من الهجرة، وتمّ فتحها من قِبَلِ المسلمين، فأدّىٰ صلى الله عليه و آله و سلم حجة الوداع بعد ذلك في السنة التاسعة للهجرة بصحبة آلاف مؤلّفة من المسلمين والصحابة (19) ، بكلّ إجلال وأبّهة في جوٍّ تملأه المعنويات الطاهرة، والإخلاص التامّ ممزوجاً بالقُدرة والسلطان الكبيرين للإسلام (20) .
ومع وجود نفي الإكراه في الدّين (21) ، وطبقاً لسيرة الرسول الأكرم صلى الله عليه و آله و سلم المبيّنة علىٰ أساس ترك إجبار النّاس علىٰ فعلٍ يكرهونه (22) ، وقول أمير المؤمنين عليه السلام الواضح في هذا المجال وهو «لستُ أرىٰ أن أجبر أحداً علىٰ عملٍ يكرهه» (23) ، فإنّ الوالي والحاكم بإمكانه اجبار جماعة بالفعل؛ ذلك من أجل إحياء حجّ بيت اللّٰه الحرام (24) .
حقّاً إنَّ الحجَّ اختبارٌ كبير لعباد اللّٰه (25) ، إذ يتعامل الإنسان في الحجّ مع الحجارة والصحراء والصخور والحصىٰ الّتي لاتضرّ ولاتنفع (26) وظلّت الأعمال الّتي يمارسها الحاجّ موضع دهشة الكثير من العقائد الضالّة (27) .
الحجّ هو زيارة بيت اللّٰه الحرام (28) ، البيت الذي يبدو وكأنّه يُعبد كما تلوح به الأعمال في الحجّ (29) ، ومثابة للناس وأمناً وقبلةً يتوجّه نحوها الجميع في عباداتهم (30) ، وشعبة من جنّة الرضوان (31) ، والطريق المؤدّي إلىٰ غفران اللّٰه (32) ومجمع عظمته وجلاله (33) ، وأوّل بقعة خُلقت في الأرض (34) .
وكان إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام المنادي للحجّ (35) حيث لبّت نداءَه كلّ النّطف الطاهرة عبر التأريخ (36) وكانت الملائكة تؤدّي ذلك قبل آدم أبي البشر بآلاف السنين الطويلة (37) .
ويجذب الحجّ نحوه، كما هو الحال مع متشابه آي القرآن مقارنة مع محكمه، كلّ الأفكار عِبْرَ زوايا ومنعطفات وأبعاد مختلفة، فيخلّف وراءه الخلود والأثر البالغ والتهذيب والحداثة الدائمة في بؤر التأريخ المندثرة.