38الإنسان إلىٰ أن يكون كائناً مرهف الشعور والأحاسيس، تتجلىٰ فيه كلّ معاني الخير. وتحتشد فيه تجليات كلّ معاني الكمال والسمو بعيداً عما هو أرضي - دنيوي - وبالتالي الإعراب عن مكنون الهوية الأصلية للسرّ المودع في كيانه، ومعرفة ما إذا كان قابلاً علىٰ تجربة الاستخلاف، لا غرو أن نجد أساليب الدعاء جاءت علىٰ شكل آيات قرآنية مقدسة نازلة بخط راجع علىٰ غير المألوف في اتجاه الدعاء. . وهذه الأدعية القرآنية أكثر ما اختصّ بها الحج دون غيره من العبادات « قل ربّ أَدخلني مُدخَل صدقٍ وأَخرجني مخرجَ صدق. . .» 1« قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي للّٰهربِّ العالمين لا شريكَ له وبذلك أمرتُ وأنا أوّلُ المسلمين» . 2« ربنا واجعلنا مسلمين لكَ ومن ذريتنا أُمةً مسلمة لك وأرنا مناسكناً وتب علينا. .» 3« رب اجعل هذا بلداً آمناً» 4.
إنك تجد في هذه الطائفة من الآيات الكريمة «المثال الأعظم» للدعاء. . وأنه شديد الارتباط بالبيت الحرام. . . وأن فيه تَمَثُلاً لدعاء إبراهيم عليه السلام. فإذا كان الدعاء بهذه الشخصية المحملة بجلال المعاني فإنه يحوّل الخطّ الواصل بين سكن الحاج ومناسك الحج إلىٰ خطّ مستقيم يصلح لقياس وتقييس الفسحة الرحيبة بين الأرض والسماء، ودائماً تقترن حالة التطهّر من النجاسات والخبائث بالاقتراب من نقطة التكليف الخاص بشعائر الحج، وتتناسب طردياً مع الدخول إلىٰ دائرة الأداء الفعلي المباشر للمناسك بحيث تنسحب «الطهارة» على الذات وحركة الجوارح. . فيصبح كلّ كيان الحاج في أداء منظّم غاية في الدقة.
من المفاهيم الكبرىٰ في الحج التركيز علىٰ مصطلح (أرض اللّٰه) انطلاقاً من قاعدة عباد اللّٰه وسوف يبلور المتأملون في أداء المناسك مصداقاً أكثر تكثيفاً