251«لقد ذكرنا في مقدمة كتابنا عن عبد اللّٰه بن عباس مختلف العوامل الداعية للوضع له أو عليه في زمنه وبعد زمنه وعلى الأخص فيما دار من ملاحاة بين السلطة العباسية ومناوئيها من أئمة الزيدية الراغبين في الحكم، وبالطبع إن هذا الرجل - وهو مصدر من مصادر شرعية سلطة الخلفاء العباسيين، التي استندوا إليها أو بعضهم على الأقل عندما ادعوا لأنفسهم وراثة النبوة وتسلسلها في أعقاب العباس حتىٰ وصلت إليهم - لا بد وأن يرتفع رصيده في نفوس الرأي العام ويغالى فيه الىٰ درجة تسمو به وترتفع عن سائر البشر المتعارف، فالكرامات مازالت ترافقه منذ ولادته وحتىٰ نهاية حياته، بينما يهبط رصيده في نفوس الخصوم حتىٰ يجرد عن جلّ مواهبه وإمكاناته وخلقه» 1لقد تعرض الرجل وهو حبر الأمة لمثل هذه الاختلاقات والافتراءات فاسندت له أحاديث وروايات كثيرة - لا يغيب أكثرها عن نباهة المحقق 2- حتىٰ ورد عن الإمام الشافعي قوله (لم يثبت عن ابن عباس في التفسير إلا شبيه بمائة حديث) 3كما أن علماء التفسير ضعفوا كثيراً من الأسانيد المنتهية إلىٰ ابن عباس حتىٰ وصفها بعضهم بأنها من أوهى الطرق، ضاربين لذلك مثلاً طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس، وقالوا فإذا انضم الىٰ ذلك محمد بن مروان السدي الصغير فهي سلسلة الكذب 4والسدي الكبير وصفوه بأنه ضعيف وكذاب 5كما ذكروا مثالاً آخر للوضع كان بطله (نوح الجامع) أبو عصمة نوح بن أبي حريم، قيل له (من أين لك عن عكرمة، عن ابن عباس في فضائل القرآن سورة سورة؟ فقال إني رأيت الناس قد أعرضوا عن القرآن، واشتغلوا بفقه أبي حنيفة ومغازي محمد بن إسحاق فوضعت هذه الأحاديث حسبة 6وفي كلام آخر أقرّ بوضعه علىٰ ابن عباس 7.
كما أن الضحاك بن مزاحم الهلالي روى التفسير عن ابن عباس وهو