176الحرم، وكانوا يقفون يوم عرفة بالمشعر الحرام وليلة العيد أيضاً بها، وكان الناس الذين يحجّون غيرهم يقفون بعرفات يوم عرفة، كما كان إبراهيم وإسماعيل وإسحاق يفعلون، فأمر اللّٰه أن يقف المسلمون كلّهم يوم عرفة بعرفات ويفيضوا منها عند الغروب الى المشعر بقوله تعالىٰ: « ثمَّ أفيضوا من حيث أفاضَ الناس» ، والإفاضة منها لا يمكن إلّابعد الوقوف أو الكون بها 1.
أرض المغفرة وقبول الدعاء:
إحدىٰ أهم الألطاف التي يحصل عليها الحجاج من رحلة الحج المعنوية، هو غفران الذنوب. ففي اليوم التاسع من شهر ذي الحجة الحرام، يأتي الحجيج من كل فجٍّ ويجتمعون في عرفات، ويطلبون من اللّٰه الغني أن يغفر لهم ما تقدّم من ذنوبهم، ويطهّرهم من الأدران التي علقت بهم، وهم في دعاءٍ وبكاءٍ وتوسل.
وقد اجتمع في هذه الأرض المقدسة جميعُ أنبياء اللّٰه تعالى من آدم عليه السلام، إلىٰ خاتم الأنبياء محمد بن عبد اللّٰه صلى الله عليه و آله وأوصياؤه عليهم السلام من علي بن أبي طالب إلى المهدي الموعود عليهم السلام، وعلّموا الآخرين، خاصة اتباعهم وأشياعهم، كيفية الدعاء والتضرع والاستفادة من هذا اليوم العظيم. وهذه الأرض المقدسة هي مُلتقىٰ العشّاق والعارفين، وأيّ عارفٍ يقرأ في عرفات، دعاء عرفة للإمام الحسين عليه السلام المليء بمعناه ومحتواه، ولا يتأثر بما فيه من الجمال والعذوبة والمعرفة؟ !
ولكثرة ما قيل في الروايات الواردة بشأن غفران الذنوب في عرفات، فإن المغفرة والرحمة الإلهية، سرعان ما تتبادر الى الذهن بمجرد سماع اسم عرفة وعرفات، والفت انظار القرّاء الكرام الىٰ بعضٍ من هذه الروايات:
عن علي عليه السلام: «أن رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله، لما حجّ حجة الوداع، وقف بعرنة فأقبل على الناس بوجهه وقال: مرحباً بوفد اللّٰه - ثلاث مرات - الذين إن سألوا أُعطوا،