17حُطم بطول الزمان. والنتيجة: أن ما ذكره أهل اللغة، لا يمتلك سنداً روائياً.
ولو قالت إحدى الروايات، بأن المراد بالحطيم ما بين الركن والباب، والأُخرىٰ نَفَت هذا المعنىٰ، لثبت بأن المراد بالحطيم خصوص تلك الفاصلة، وإلّا فمن الممكن أن يكون المعنيان صحيحين.
الحجر الأسود:
كلّ ما كان خارجاً في الوجود، له أصلٌ في مخزن اللّٰه وينزَّلَ منه، إلّاأن الحجر الأسود يمتلك خصيصة أُخرىٰ يختص بها. بلحاظ أن اللّٰه تبارك وتعالىٰ يقول في بعض الموارد:
« أنزلنا» ؛ مثل قوله تعالىٰ: « وأنزلنا الحديدَ فيه بأسٌ شديدٌ» 1. فإن تعبير «أنزلنا» هنا ليس بديلاً عن «خلقنا» ، بل إنه ناظرٌ إلى المعنى الواقعي للإنزال. وطبعاً الإنزال بنحو التجلي لا بصورة التجافي. أو كقوله تعالىٰ: « وأنزلَ لكم من الأنعام ثمانيةَ أزواجٍ» 2؛ أي أنزل لكم ثمانية أزواج من كلّ نوع، سواء الداجن منها أو الوحشي «الغنم الداجن والوحشي، والبقر الداجن والوحشي، الخيل الداجنة والوحشية. . .» ، تجدر بالاشارة إلىٰ أنه لا يراد بإنزال البقر والغنم أو الحديد نفس النوع من إنزال المطر والثلوج. بل بمعنىٰ أن أصله ومنبعه عند اللّٰه تعالىٰ كما في قوله تعالىٰ في سورة الحجر: « وإنِ من شيءٍ إلّاعندنا خزائنه ومَا ننزلُه إلّابقدرٍ معلوم» 3أي إن كلّ ما موجود في عالم الطبيعة، أصله موجود في خزائن اللّٰه تعالىٰ وتنزل منها. وبهذا المعنىٰ، فهو إنزال حقيقي، لا بمعنىٰ الخلق والايجاد.
ومع كلّ ما قدّمناه، فإن الحجر الأسود يمتلك خصيصة أخرىٰ غير هذا المفهوم العام؛ أي كما أنهُ لو تحول مكان ما إلىٰ مسجد، فإنهَ سيشنع ويشتكي يوم القيامة، إلّاأن الأماكن الأُخرىٰ لا تمتلك مثل هذه الخاصيّة؛ لأنه لا تقام فيها أعمال ومناسك خاصة، والمسجد