73والنُقصانِ، متردِّداً بينَ العذاب والغُفْران.
وأمّا الوقوف بعرفَةَ: فَلْيَتَذَكَّرْ بما يَرىٰ - مِن ازدحام الناسِ وارتفاع الأصواتِ واختلافِ اللغات واتّباعِ الِفرَقِ أئمّتَهم في التردُّداتِ على المشاعِر؛ اقتفاءًبهم وسَيْراً بسيرتهم - عَرَصاتِ القيامةِ، واجتماعَ الاُمم مع الأنبياء والأئمّة، واقتفاءَ كلِّ أُمَّةٍ أثرَ نبيِّها وإمامِها، هادياً كان أم مُضِّلاً، وتحيُّرَهم في ذلك الصعيدِ الواحدِ بينَ الردِّ والقبولِ.
وإذا تَذَكَّرَ ذلك فَلْيُلْزِمْ قلبَه الضَراعةَ والابتهالَ إلى اللّٰه تعالىٰ في أنْ يَحْشُرَه في زُمْرة الفائزينَ المرحومينَ.
ولْيَكُنْ رجاؤه أغلبَ، فإنّ الموقِفَ شريفٌ، والرحمة إنّما تَصِلُ مِن ذي الجلال إلىٰ كافَّة الخلق بواسطة النفوس الكاملة مِنْ أوتاد الأرض ونحوِهم، ولا يَخْلو الموقِفُ مِنْ طائفةٍ مِن الأبدال والأوتاد وطوائفَ مِن الصالحينَ وأربابِ القلوب، فإذا اجْتَمَعَتْ هِمَمُهُمْ، وتَجَرَّدتْ لِلضَراعة نفوسُهم، وارْتَفَعَتْ إلى اللّٰه تعالىٰ أيدِيهِم، وامْتَدَّتْ إليه أعْناقُهم، يرمقون بأبصارهم جِهة الرحمة، طالبين لها، فلا تَظُنَّنَّ أنّه يَخِيبُ سَعْيُهمْ مِن رحمةٍ تَغْمُرُهُمْ. ومِن هنا جاء ما تقدَّم 1مِن الحديث: «إنّ الشيطانَ مارُئيَ أدْحَرَ ولا أحْقَرَ ولا أصْغَرَ منه يومَ عَرَفةَ، وذلك لِما يَرىٰ نزول الرحمة على الخلق» .
وربما كان اجتماعُ الاُمَم بعرفاتٍ والاستظهارُ بمجاوَرَةِ الأبدال والأوْتادِ المجتمِعينَ مِن أقطار الأرض هو السِرُّ الأعظمُ مِن الحجّ ومقاصِدِه، فلا طريقَ إلىٰ اسْتِنْزالِ رحمة اللّٰه أعظمُ مِن اجتماع الهِمَمَ وتعاوُنِ القلوبِ في وقتٍ واحدٍ علىٰ صعيدٍ واحدٍ.
وأمّا الوقوفُ بالمشْعَر: فَلْيَسْتَحْضِرْ أنّه قد أقبَلَ عليه مولاه بعدَ أنْ