48لا شريك لك لَبَّيك» . ولَمّا كانتِ النيّة هي القصد إلى الفعل المعيَّن المتَّصِفِ بالأوصاف المذكورة فلا بُدَّ مِنْ معرفة المكلف بمعانيها ليْتَحَقَّقَ القصدُ إليها. فمعنىٰ أُحْرِمُ أي أُوطِّنُ نفسي علىٰ ترك الأُمور المذكورة سابقاً. والعُمرة لغةً: الزيارة، وشرعاً: زيارةُ البيت مع أداء مناسِكَ مخصوصةٍ، وتُطْلَقُ علىٰ مجموع تلك المناسك. وخَرَجَ ب «العمرة» 1الحجُّ والمتمتَّعُ بها إلى الحجِّ أي التي يَتَخَلَّلُ بينها وبين الحجِّ راحةٌ وتحلُّلٌ مُسْتَمِرٌّ من الفَراغ منها إلىٰ أنْ يَشْتَغِلَ بالحجِّ، وبهذا القيد تَتَميَّز عن العمرة المفرَدة؛ فإنّها تقع بعدَ الحجِّ أو 2غيرَ مُرْتَبِطةٍ به، وبقيد «الإسلام» تَخرج العمرةُ المتمتَّعُ بها إلىٰ حجِّ النذر وشبهه، و «لوجوب الجميع» إشارةٌ إلى الوجه الذي يقع عليه الفعلُ وبه يَمْتازُ عن المندوب و «قربةً إلى اللّٰه» إشارة إلى غاية الفعلِ المتعبَّدِ به. والمرادُ بالقربة إليه سبحانه موافقهُ إرادته والتقرُّبُ إلىٰ رضاه تعالىٰ لا القربُ المكاني والزماني، لتنزُّهِه تعالىٰ عنهما. وآثَرُ هذه الصيغةَ لورودها كثيراً في الكتاب والسُنَّة، ولو اقْتَصَرَ علىٰ جَعْلها للّٰهتعالىٰ كفىٰ.
ويُعتبر في التلبية مقارَنَتُها للنيّة كتكبيرة الإحرام بالنسبة إلىٰ نيّة الصلاة، وترتيبُها على الوجه المذكور، وموالاتُها، وإعرابُها.
ومعنى لَبَّيْك: «إجابةً بعدَ إجابةٍ لك يا ربِّ» أو «إخلاصاً بعدَ إخلاصٍ» أو «إقامةً على طاعتك بعدَ إقامةٍ» . ومعنى اللهمَّ: «يا اللّٰه» . ويجوز كسر «إنّ» في قوله:
«إنّ الحمدَ» وفتحها، والأوَّل أجودُ 3. وقد ورد في الخبر أنّ هذه التلبية جوابٌ للنداء المذكور في قوله تعالىٰ: « وأذِّنْ في الناس بالحجِّ» 4حيثُ صَعِدَ إبراهيمُ عليه السلام أبا قُبَيسٍ ونادىٰ بالحجِّ 5. وفي «لا شريَك لك» إرغامٌ لأُنوف الجاهلية الذين كانوا يُشْرِكون الأصنامَ والأوثانَ بالتلبية، وفي تَكرارها بَعْثٌ للقلب على الإقبال علىٰ خالص الأعمال وتلافٍ لِما لعلّه وقع من الإخلال