208قيادة الرسول صلى الله عليه و آله و سلم، وقد شارك في الغزوات الأولىٰ بعد هجرته من مكة إلى المدينة، ابتداءً من رئاسته لأول سريه غزاها، إلىٰ مشاركته في معركة أحد والتي نال فيها شرف الاستشهاد، وقد أجمع المؤرخون وكتّاب السير علىٰ مشاركته الفعّالة ومساهمته البارعة في المشاهد الأولىٰ تحت زعامة الرسول صلى الله عليه و آله و سلم، ولم يورد المؤرخون اسم حمزة صراحة في هذه الغزوات، وإنما ذكروه في بعضها بشكل صريح وتارة أخرىٰ يلمّحون إلىٰ اسمه بصورة غير مباشرة. وكان لحمزة البطل الدور البارز والفعال في هذه الغزوات، فقد أبدىٰ صنوف الشجاعة والإقدام والإخلاص للّٰهولرسوله ولعقيدته 1.
سرية حمزة بن عبد المطلب:
أجمع المؤرخون وكتّاب السير والمغازي الأولىٰ علىٰ أن أول سرية عقدها رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم كانت لحمزة بن عبد المطلب، ووصل حمزة بهذه السرية إلىٰ سيف البحر في ثلاثين راكباً «يعترض عير قريش» وهي منحدرة إلىٰ مكة، وقد جاءت من الشام، وفيها أبو جهل بن هشام في ثلاثمائة راكب، فانصرف ولم يكن بينهم قتال. . . قال محمد بن عمر: هو الخبر المجمع عليه عندنا أن أول لواء عقده رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم لحمزة بن عبد المطلب» 2. وقد جاء في تاريخ اليعقوبي عن هذه الغزوة فقال: «وأقام رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم، يتلوّم ويتهيأ للقتال حتىٰ أنزل عزّ وجل:
« أُذن للذين يقاتلونَ بأنهم ظُلموا وإن اللّٰهَ علىٰ نصرهم لقدير» 3والآية الأخرىٰ. قال: « فقاتِل في سبيل اللّٰه لا تُكلّفُ إلّانفسَكَ» 4إلىٰ آخر الآية. فكان الرجل من المؤمنين يُعدُّ بعشرة من المشركين، حتىٰ أنزل عزّ وجل « الآن خفَّف اللّٰهُ عنكم وعَلِمَ أن فيكم ضعفاً فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين. . .» 5وأنزل عزّ وجل سيفاً من السماء له غمد، فقال له