115ابن الزبير - سمع عن عائشة ما كان يزعم أنه سمع منها في أمر الكعبة. فقال الحارث: أنا سمعته من عائشة. قال: سمعتها تقول ماذا؟ قال: سمعتها تقول: قال لي رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم: إن قومك استقصروا في بناء البيت. ولولا حداثة عهد قومك بالكفر، أعدتُ فيه ما تركوا منه، فإن بدا لقومك أن يبنوه فهلمّي لأريك ما تركوا منه، فأرها قريباً من سبعة أذرع. . .
قال عبد الملك: أنت سمعتها تقول هذا، قال: نعم يا أمير المؤمنين أنا سمعت هذا منها، قال فجعل ينكث منكساً بقضيب في يده ساعة طويلة، ثم قال: وددت واللّٰه أني تركت ابن الزبير وما تحمل من ذلك 1، فإذن رواية ابن الزبير ورواية الحارث رواية واحد ومتفقة على الأذرع السبعة تقريباً. والحارث هذا كان والياً على البصرة من قبل ابن الزبير، توفي في الكوفة 2سنة 72ه.
ولما تولى هارون الرشيد الخلافة سأل مالك بن أنس عن هدمها وردّها إلىٰ بناء ابن الزبير للأحاديث المذكورة في الباب. فقال مالك: ناشدتُك اللّٰهَ يا أمير المؤمنين أن تجعل هذا البيت لعبةً للملوك لا يشاء أحد إلا نقضه وبناه، فتذهب هيبته من صدور الناس.
إذن: إن هذا التغيير في بناء الكعبة (بناء قريش، بناء ابن الزبير، بناء الحجاج) كان سبباً لانقسام المؤرخين والفقهاء حول حجر إسماعيل، وأنه دخل فيه شيءٌ من الكعبة 5-7 أذرع علىٰ اختلاف الروايات في ذلك ونأتي الآن إلىٰ ذكر أدلة القائلين بالنقص في مساحة الكعبة وانضمام قسم منها إلى الحِجر.
1 - رواية عائشة تعدُّ أقوىٰ أدلتهم، وقد اختلفت واضطربت ألفاظها، ففي رواية أن النقص كان ستّ أذرع وشيئاً، وفي رواية أخرى أن النقص كان ستّ أذرع، وفي رواية ثالثة أن النقص كان ستّ أذرع وشبراً، وفي رواية رابعة أنه قريب من سبع أذرع، وفي خامسة سبع أذرع، وهناك رواية بأنه خمس أذرع كما