105به زوجته هاجر، وهي تبكي وتشتكي من أن يكون هذا الوادي عقوبة لها من دون أن تقترف جرماً أو ذنباً تستحق عليه مثل هذا العذاب في أرض جرداء، لا ماء فيها ولا طعام. . ثمّ إن كان لها ذنب، فما ذنب صغيرهما إسماعيل أن يعذب. .
فلم يستطع إبراهيم حبس دموعه فشاركها بكاءها، وبادلها دموعها. حتى تأوه أخيراً لحالهما، ثم أخبرها: بأن هذا هو أمر اللّٰه تعالى، ابتلاه به، وليس له إلّاأن يلبي دعوة اللّٰه، ويذعن لها. . ثم رفع يديه بالدعاء و « . . . . فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلّهم يشكرون» 1فكانت هذهِ آخر كلمات إبراهيم في وداعه لزوجته وابنه. . قصة هاجر وإسماعيل.
« إني أسكنتُ من ذريتي بوادٍ. .» .
جعلتُ لهم مأوى يأوون إليه، ومقرّاً يقرون فيه، وسكناً يسكنون إليه. .
والمراد بالذرية هاجر وإسماعيل، وبالوادي وادي مكة وهو الأبطح 2.
«عند بيتك المحرم» .
مكان هذا السكن والمأوىٰ أو العريش يتوضح ب عِند التي هي اسم مكان الحضور حقيقة كما تقول جلستُ عند زيد ومجازاً نحو عند زيد علم. . . 3.
ففي الآية وردت عند وتعني المكان أو الموضع الذي يكون مجاوراً للبيت أو ملاصقاً له بين ركني البيت (الكعبة) الشاميين من جهته الشمالية. وكان هذا المكان عريشاً بَنتهُ هاجر إلىٰ جانب البيت الذي كان ربوة فسكنته مع ابنها إسماعيل. وهذهِ الملاصقة أو المجاورة للكعبة، كانت سبباً لتعرضه إلىٰ كل ما تعرض له البيت من حوادث طبيعية كالسيول والحرائق، وتجاوزات الظالمين، كما أنه كلما أعيد أو جدّد بناء الكعبة أعيد بناءُ الحجر وجدّد. وبالتالي صار هذا البناء والتجديد سبباً لأقوال وآراء حول نقصان الكعبة أذرعاً ودخولها في الحجر أو