104
حِجْر إسماعيل فى مسيرته التأريخية والفقهية
محسن الأسدي
« ربّنا إني أسكنتُ من ذريتي بوادٍ غيرِ ذي زرعٍ عندَ بيتكَ المحرم. . .» 1.
ظلّ نبيُّ اللّٰه إبراهيم الخليل - وقد ركب دابته، وحمل معه زوجته هاجر وطفله إسماعيل، ومتاعه - ظلّ يُغِذُّ السيرَ علىٰ هدىً من اللّٰه تعالىٰ، ويقطع الصحاري والوديان والفلوات، حتى وصل إلىٰ وادٍ مجدبٍ مقفرٍ تحيطه الجبال، وتحفُّ به التلال. وفي رواية أن جبريل عليه السلام كان معه يُدلّه علىٰ موضع البيت الحرام ومعالمه، فكان إبراهيم عليه السلام لا يمرُّ بقرية أو مكان إلّاقال لجبريل: أبهذا أمرتُ يا جبريل؟ فيقول جبريل: امضه. حتى قدم به مكة وهي إذ ذاك عضاه (سلم وسمر) 2وبها أناس يقال لهم العماليق 3خارج مكة وما حولها، والبيت يومئذ ربوة حمراء مدرة. فقال إبراهيم لجبريل: أهنا أمرتُ أن أضعهما، قال: نعم. فعمد بهما إلىٰ موضع الحِجر فأنزلهما فيه، وأمر هاجر أمَّ إسماعيل أن تتخذ فيه عريشاً 4، وبعد أن أمّن لهما المقام، استودعهما اللّٰه تعالى، وإذ هو يودعهما، تشبثت