101بيت، والتأثر النفسي يملك عليه» 1ثم يقول البستاني أيضاً: «فهو لا يسأل زين العابدين ولا يستجديه، ولكنه يبثُ عاطفة متقدة بحب آل البيت، عاطفة نفس تؤمن بكرامتهم وترجو بهم الثواب في الآخرة» 2.
ولم يكن الشعر بهذه المتانة والجمال لو لم يكن الممدوح ذلك الإمام التقي الورع زين العابدين عليه السلام. ولم يكن الشعر بهذه القوة لو لم يكن الممدوح أهلاً للمدح والثناء.
ونحن لا نشك - لحظة واحدة - في أن الفرزدق الشاعر المسلم المؤمن كان قد تأثر بشخصية الإمام سيد العابدين علي بن الحسين عليه السلام، ولم لا يتأثر بتلك الشخصية وهو الإمام ابن الإمام الشهيد الحسين بن الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، وجدَّته الزهراء سيدة نساء العالمين، وجدّه النبي الأعظم محمد بن عبد اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم لمَ لم يتأثر به وهو (أي الإمام) ابن هذه السلالة الطاهرة المتصلة بالوحي وباللّٰه وبالسماء؟
وهو من هو، وألقابه - وحدها - كافية للدلالة عليه وعلىٰ عبادته الربانية وسلوكه الإلهي. فقد لقبَ بزين العابدين وسيد الساجدين، وسيد العابدين، والزكي، والأمين. وذي الثفنات وغيرها. أيّ ألقاب هذه التي اتصف بها الإمام الكريم؟ ! ومَنْ هو أفضل ممن همّه الأول والأخير، الاتصال باللّٰه والوقوف بخضوع بين يديه وتحت رحمته وعدله؟ !
لقد كان إماماً صامداً صابراً شهد مأساة كربلاء وواكب مسيرة العائلة الكريمة بعد الفاجعة المؤلمة إلى الكوفة، ومنها إلى الشام، شاهد كلّ ذلك بكلّ تفاصيله وكلّ مفرداته. وكان فوق كلّ ذلك، وكان المثل الأعلىٰ في القيادة بعد استشهاد والده الإمام الحسين عليه السلام، وكان خير من وظّف الفاجعة لمصلحة الإسلام والمسلمين وتاريخ الإسلام.