100المستهدفة في النفوس الضعيفة فيروج الضلال» 1.
لقد وقعت هذه القصيدة كالصاعقة علىٰ راس الخليفة (السلطان! ! !) هشام بن عبد الملك، ابن السلطان، ابن الملك، وابن تلك (الهيبة) التي ظن أن الدنيا كلّها تحت يديه، تحت طوع بنانه.
لقد غضب هشام غضباً شديداً. ومنع جائزته إلى الفرزدق، وقال: الّا قلت فينا مثلها؟ وكان الرد ذكياً خارجاً من قلب الحقيقة، وقال لهشام متحدياً: هات جدّاً كجد الإمام زين العابدين وهات أباً كأبيه وأماً كأمه حتىٰ أقول فيكم مثلها.
فحبسوه بعسفان بين مكة والمدينة. فبلغ ذلك الإمام علي بن الحسين عليه السلام فبعث اليه باثني عشر ألف درهم، وقال: اعذرنا يا أبا فراس. فلو كان عندنا أكثر لوصلناك به، فردّها وقال: يابن رسول اللّٰه ما قلت الذي قلته إلّاغضباً للّٰه ولرسوله، وما كنت لا رزأ عليه شيئاً، فردها إليه وقال: بحقي عليك لمّا قبلتها فقد رأى اللّٰه مكانك وعلم نيتك قبلها، فجعل الفرزدق يهجو هشاماً وهو في الحبس.
فكان مما هجاه به قوله:
أيحبسني بين المدينة والتي
والقصيدة الفرزدقية (هذا الذي. . .) - كما ترىٰ - رائعة جميلة لفظاً ومضموناً، تقرأها مرة فترغب في قرأتها مرات ومرات ولا تملّ، ترى الشاعر المسلم فيها صادقاً، مستخدماً عقله وعاطفته معاً، منبثقة من عقله وقلبه، مندفعاً اندفاعاً حقيقياً باتجاه من يحب، وهو الإمام زين العابدين والساجدين، وأهل بيته وآبائه الكرام البررة. فلا تكلّف في القصيدة ولا استجداء، ولا طلب لمنصب ولا لجاه، ولا ولا. . . . إنه الحبّ لإنسان أهل للحب والتقدير والثناء. يقول بطرس البستاني: «وأنّى يكون التكلّف في قصيدة جاشَ بها صدر الشاعر فقذفها بيتاً إثر