172واليمانيان بتخفيف الياء هذه اللغة الفصيحة المشهورة. وحكى سيبويه والجوهري وغيرهما فيها لغة أخرى بالتشديد فمن خفف قال هذه نسبة إلى اليمن فالألف عوض من إحدى ياءي النسب فتبقى الياء الأخرى مخففة ولو شدّدناها لكان جمعاً بين العوض والمعوض وذلك ممتنع. ومن شدّد قال الألف في اليماني زائدة وأصله اليمني فتبقى الياء مشدّدة وتكون الألف زائدة كما زيدت النون في صنعاني ورقباني ونظائر ذلك واللّٰه أعلم. وأما قوله «يمسح» فمراده يستلم وسبق بيان الاستلام واعلم أن للبيت أربعة أركان الركن الأسود والركن اليماني ويقال لهما اليمانيان كما سبق وأما الركنان الآخران فيقال لهما الشاميان. فالركن الأسود فيه فضيلتان إحداهما كونه علىٰ قواعد إبراهيم عليه السلام والثانية كونه فيه الحجر الأسود.
وأما اليماني ففيه فضيلة واحدة وهي كونه علىٰ قواعد إبراهيم. وأما الركنان الآخران فليس فيهما شيء من هاتين الفضيلتين فلهذا خصّ الحجر الأسود بشيئين الاستلام والتقبيل للفضيلتين. وأما اليماني فيستلمه ولا يقبله لأن فيه فضيلة واحدة. وأما الركنان الآخران فلا يقبلان ولا يستلمان واللّٰه أعلم. وقد أجمعت الأمة علىٰ استحباب استلام الركنين اليمانيين واتفق الجماهير علىٰ أنه لا يمسح الركنين الآخرين، واستحبه بعض السلف، وممن كان يقول باستلامهما الحسن والحسين ابنا علي وابن الزبير وجابر بن عبد اللّٰه وأنس بن مالك وعروة بن الزبير وأبو الشعثاء جابر بن زيد رضي اللّٰه عنهم. قال القاضي أبو الطيب: أجمعت أئمة الأمصار والفقهاء علىٰ أنهما لا يستلمان قال: وانما كان فيه خلاف لبعض الصحابة والتابعين، وانقرض الخلاف، وأجمعوا علىٰ أنهما لا يستلمان واللّٰه أعلم. قوله «ان رسول اللّٰه صلى الله عليه و سلم كان لا يستلم إلّاالحجر الأسود والركن اليماني» يحتج به الجمهور في أنه يقتصر بالاستلام في الحجر الأسود عليه دون الركن الذي هو فيه، وقد سبق قريباً فيه خلاف القاضي أبي الطيب. قوله «رأيت ابن عمر يستلم الحجر بيده ثم