58
اِلَيْكَ» بحيث يدفع أثر التناقض وغيره عنه ممّا لا يليق بأمثاله عليه السلام.
فاعتذرت إليه مع ظهور قصور باعث عن كشف جليّات الخفاء عن وجوه أبكار المعاني، ورفع أستار الارتياب عن تلقاء المقاصد المعضلة الأركان والمباني، تارة بضيق البال لتراكم أمواج بحار الأحزان، وأُخرى بقلّة المجال لكثرة تواتر نزول أفواج الحدثان، فما حلّ موقع القبول وما زاد إلّاإعادة المسؤول فأسعفت مسؤوله، وأجبت مأموله، وتصدّيت لحلّه علىٰ رأي كلّ فرقة مشتهرة بين الأنام أقوالهم واعتقاداتهم متداولة بين الناس أبلالهم ومدوّناتهم بحيث ينطبق علىٰ أُصولهم وقواعدهم انطباقاً بيّناً، محترزاً عن الردّ والقبول، لا لمخافة الإطناب والإسهاب، بل لانحطاط درجتي عن درجات هؤلاء الأعلام في كلّ بابٍ، مراعياً للايجاز واختصار الكلام، ورتّبته على مقدّمة ومقالات ثلاث:
أمّا المقدّمة فمشتملة علىٰ فصلين:
الفصل الأوّل: في بيان دأب الأنبياء والأئمّة عليهم السلام في التضرّع والابتهال، وما شاكلهما.
اعلم أنّ دأبهم عليهم السلام فيما ذكرناه في بعض الأوان التشبّث بالأسباب، والتمسّك بالوسائل أوّلاً، ثمّ الإعراض عنها أخيراً، مشعراً ببيان فساده لوجهين:
أمّا أوّلاً: فلكونه بمنزلة الاستدلال علىٰ كون المحتاج إليه هو اللّٰه - سبحانه - ، وأنّ لا مؤثّر في الوجود إلّاوينتهي إليه، فهو المؤثّر بالذات، ومسبّب الأسباب، فإنّ المطلوب المستدلّ عليه أوقع قبولاً من غيره، فأمثال هذه منهم بمنزلة القياس الاستثنائي، ولذا قال كثير من المفسّرين: 1إنّ قول إبراهيم - علىٰ نبيّنا وآله وعليه السلام - بربوبيّة الكواكب مستدلًّا عليها بالإنارة والضياء والكبر أوّلاً، ثمّ الرجوع عنه مستدلًّا بالاُفول أخيراً، إنّما صدر عنه عليه السلام عمداً عالماً بعدم ربوبيّتها في كلا الحالين لوجوب عصمة الأنبياء عليهم السلام عن الشرك قبل البعثة