224الميلاد، بينما يربط عدد آخر من الباحثين تاريخ «بني إسرائيل» بموسى عليه السلام وهو خطأ آخر جسيم، كذلك رأينا فريقاً ثالثاً يرجع تاريخ اليهود إلى زمن الأكديين بالعراق، في حين نجد فريقاً رابعاً يجعل تاريخهم مواكباً لتلك الدفقات البشرية السامية (نسبة إلى سام بن نوح) ، التي خفق بها قلب الجزيرة العربية في صورة هجرات متعاقبة إلى أطراف الجزيرة شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً.
وهذه الآراء جميعها على خلاف السياق المنطقي لتسلسل أحداث المنطقة، وخلافاً لما أثبتته الأحافير الأثريّة الحديثة. والجدير بالذكر ما أفاده الدكتور سوسه 1بأن كتبة التوراة إنّما عمدوا إلى إهمال التسلسل الزمني؛ ليسهل عليهم ربط تاريخهم بعهود قديمة سبقت وجودهم، فأدخلوا التشويش على ذهن القارئ؛ بحيث أصبح تائهاً بين العصور، فلا يدري أيبد تاريخ اليهود مع عصر إبراهيم، أم يواكب عصر موسى، ويشوع بن نون تلميذه، وخليفته على بني إسرائيل، أم من زمن الهجرات السامية العربية، أم من عصر الأكديين؟ !
فالحقيقة أن كل عصر من هذه العصور يتميّز عن العصر الآخر تميّزاً واضحاً، فاليهود أتباع موسى عليه السلام ظهروا خلال القرن الثالث عشر ق. م، والأكديون ظهروا قبل عصر موسىٰ بنحو ألفين وسبعمائة عام، حينما نزحوا من جزيرة العرب إلى شواطئ الفرات حوالي (4000 ق. م) بينما ظهر إبراهيم الخليل في منتصف القرن العشرين قبل الميلاد، أي أن المساحة الزمنية التي تفصله عن عصر موسى تصل لسبعة قرون تقريباً. كما أن الهجرات السامية من قلب الجزيرة الى أطرافها سبقت وجود اليهود على ظهر البسيطة بنحو ألفي عام، ومن هنا جاء تأكيد العقاد 2على أننا إذا فتّشنا عن نسبة لإبراهيم لم نجد أصدق من النسبة العربية، كما كانت العربية يومئذٍ بين الجزيرة العربية وبقاع الهلال الخصيب، فلا يقال: عن إبراهيم إنه إسرائيلي؛ لأن يعقوب هو أول من تسمىٰ ب (إسرائيل) ،