46وقد خصّصهما الشارع - عزّ وجلّ - بالفضل والثواب، ووعد الحاجّ - عنهما - عظيم الشفاعة، وحسنات لا تحصى، ولِمَ لا؟
فإنّ المتبادر الى الفهم عند أهل الشرع: أنّ الحجّ عبادة مركّبة من جملة عبادات؛ كالصلاة المؤلّفة من الأفعال، والأذكار المخصوصة. وجاءت الروايات عن أهل بيت العصمة عليهم السلام متواترةً متكاثرة موضحةً فضله وأهميته، وقد أورد جملة منها الشيخ المفيد في مقنعته 1.
وأنواع الحجّ ثلاثة:
1 - التمتّع بالعمرة الى الحجّ: وهو فرضُ اللّٰه على كل ناءٍ عن المسجد الحرام فلا يجوز منه سواه 2.
2 - الإقران في الحجّ: وهو أن يهلّ من الميقات بالحجّ، ويقرن الى إحرامه سياق الهدي، وإنّما سمّي إقراناً لاقتران سياق الهدي بما يأتي به، وعليه طوافان بالبيت، وسعي واحد بين الصفا والمروة، ويجدّد التلبية عند كلّ طواف 3.
3 - الإفراد للحجّ: وهو أن يحرم بالحجّ من الميقات مفرداً ذلك من سياق الهدي وليس عليه هدي، ولا تجديد التلبية عند كلّ طوافٍ، ومناسك المفرد والقارن متساوية 4.
وحال الحجّ كحال سائر الفرائض الأُخرى، فقد خالفت الإماميّة غيرها من الفرق الإسلاميّة في أحكامه وأفعاله، وأشار لمعظمها الشريف المرتضى «علم الهدى» في كتابه الموسوم ب «الانتصار» 5.
ترجمة المؤلّف 6اسمه ونسبه:
ذكر اسم ونسب الشهيد السعيد في الكتب التي تناولت ترجمته، باختلاف من كتابٍ لآخر، فقد أورده ابن العودي 7في رسالته هكذا: زين الدين بن نور الدين علي بن أحمد بن جمال الدين بن تقيّ الدين صالح بن مشرف العاملي. وكذا ورد في إجازة الشهيد قدس سره للشيخ حسين بن عبد الصمد الجبعي العاملي - والد الشيخ البهائي - على ما ورد في البحار 8، إلّاأنّ فيها «شرف» بدل «مشرف» . وذكر في آخر الإجازة 9: « وكتب هذه الأحرف بيده الفانية زين الدين بن علي بن أحمد شُهر بابن الحاجة. . .» .
مولده قدس سره:
ولد لثلاث عشرة خلون من شوّال سنة إحدى عشرة وتسعمائة من الهجرة النبويّة.
قبس من خِصاله:
ذكر ابن العودي: أنّه لم يصرف لحظة من عمره إلّافي اكتساب فضيلة، ووزّع أوقاته على ما يعود نفعه في اليوم والليلة. أمّا النهار ففي تدريس ومطالعة وتصنيف ومراجعة، وأمّا الليل فله فيه استعداد كامل لتحصيل ما يبتغيه من الفضائل، هذا مع غاية اجتهاده في التوجّه الى مولاه، وقيامه بأوراد العبادة حتى تكلّ قدماه، وهو مع ذلك قائم بالنظر