4
البعد العرفاني والتربوي والعبادي للحج
محمد حسين فضل اللّٰه
أعتقد أنّ أي بُعد من هذه الأبعاد يحتاج إلى حديث مستقل، ولذلك: سأحاول إثارة بعض الأفكار في هذا الموضوع، من خلال عدة نقاط:
النظرة التجزيئية. . . المشكلة:
النقطة الأولى: إن مشكلة الإسلام، في تجارب المفكّرين المسلمين، هي النظرة التجزيئية التي حاولت أن تنظر إلى كل جزءٍ في الإسلام بعيداً عن الأجزاء الأخرىٰ، فنقرأ عن البعد الروحي، وعن البعد الاجتماعي، وعن البعد السياسي، وعن البعد الاقتصادي، كما لو كان كل واحدٍ منها موضوعاً مستقلاً. . في طبيعته، مما أدى إلى بعض الانعكاسات السلبية على واقع التصوّر الإسلامي، والممارسة العملية للإنسان المسلم في التزامه ببعض الجوانب من دون بعض آخر.
وإننا نلاحظ في هذا المجال، أن هذه النظرة تبعدنا عن الفهم الشمولي للإسلام؛ لأنه يختزن في كل جانب من جوانبه، الجوانب الأخرى. . فنحن مثلاً عندما ندرس الناحية الاقتصادية في الإسلام، فإننا لا نجد فيها جوّاً مادياً يتحدّث عن العلاقات الاقتصادية، وطريقة تحركها في علاقات الانتاج والتوزيع، وما إلى ذلك فقط، بل نجد - إلى جانب ذلك - عمقاً روحياً ومنهجاً أخلاقياً، وحركةً اجتماعيةً وسياسةً في نطاق حركة الفرد والمجتمع، يوحي لنا بأن هذه الأبعاد كلها تتكامل لتكوّن البعد الاقتصادي في المنهج، وفي النظرية. . وفي ضوء ذلك فإننا لا نستطيع أن نفصل الجانب الذاتي عن الجانب الموضوعي في المسألة الاقتصادية.
وإذا أردنا أن ندرس البعد الأخلاقي في الإسلام، فإنك لن تستطيع دراسته في نطاق النظرية الأخلاقية من الجانب الفلسفي، بل لابد لك من استحضار المجالات الفردية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية كافة، حتى نقف