179وليس للغنائم. لذلك جاء حلّ هذه المعضلة من عند اللّٰه: «يسألونك عن الأنفال قل الأنفال للّٰهوالرسول فاتقوا اللّٰه وأصلحوا ذاتَ بينكم وأطيعوا اللّٰهَ ورسولَه إن كنتم مؤمنين» 1وهكذا حلّ الإشكال برضى جميع الناس. « سأل عبادة ابن الصامت عن الأنفال؛ فقال: فينا أصحاب بدر نزلت، حين اختلفنا في النَّفَل، وساءت فيه أخلاقنا، فنزعه اللّٰه من أيدينا، فجعله إلى رسوله، فقسمه رسول اللّٰه بين المسلمين عن بواء.
يقول: على السواء» 2.
قاتل المسلمون لإعلاء كلمة اللّٰه. والأنفال هي أيضاً للّٰهالذي لولا رحمته لم يكن النصر. يقول تبارك وتعالى: «واذكروا إذ أنتم قليلٌ مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم وأيدكم بنصره ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون» 3.
لا خلاف إذن، إيمان واحتساب وأخوة والرزق من عند اللّٰه.
إنها التربية التوحيدية التي ترفع الإنسان إلى مستوى العبودية للّٰه وحده، أرفع مستوى يمكن أن يصل إليه الإنسان.
وكانت بدر يوم الفرقان كما أراد ربُّ العزّة، وأصبح المسلمون كتلة مهابة الجانب في شبه الجزيرة العربية، يمكنها نشر التوحيد في شتى أنحاء البلاد دون خوف أو وجل.
دروس وعبر:
إن الإحاطة بجميع الدروس والعبر والقوانين من هذه المعركة هي مهمة مستحيلة، لأن السنة ثابتة لا تتغير، ولكن ما هو خاضع للتغير والتبدل هو الإنسان والعصر. وبالتالي فإن تغير الإنسان والعصر يستتبع تغير الفهم لهذه القوانين تبعاً لتطور العلوم الطبيعية والإنسانية، وتطور العلوم يعني تقدم إمكانية الإنسان على فهم أكثر اكتمالاً للسنن والقوانين الإلهية في الكون، وفي الطبيعة والمجتمع.
وانطلاقاً من هذا الفهم سنحاول استخلاص بعض الدروس:
1 - المسلمون كانوا قلة وانتصروا في بدر. هل انتصار القلة على الكثرة قانون اختصّ به المسلمون دون غيرهم؟ إذا كان الجواب بالايجاب. فكيف يمكننا تفسير انتصار الشعب الفيتنامي على أمريكا؟ وكيف يمكن تفسير إنتصار إسرائيل على العرب؟
التفسير الممكن هو أن اللّٰه -