177يتكلمون، يتلمظون تلمظ الأفاعي؟ واللّٰه ما أرى أن نقتل منهم رجلاً حتى يُقتل منّا رجل، فإذا أصابوا منكم عددهم فما خير في العيش بعد ذلك.
فروا رأيكم. فتكلم حكيم بن حزام ومشى في الناس، وأتى شيبة وعتبة وكانا ذوي نقبة في قومهما فأشاروا على الناس بالانصراف، وقال عتبة:
لا تردوا نصيحتي ولا تسفهوا رأيي، فحسده أبو جهل حين سمع كلامه، فأفسد الرأي وحرش بين الناس. . .
وجاء عمير بن وهب فناوش المسلمين» 1. وبدأت الحرب بعد مبارزة أبلى فيها علي عليه السلام بلاءً حسناً وقتل فيها أحد أئمة الكفر. بدأت الحرب التي جرّ أبو جهل قريشاً اليها كرهاً وخوفاً من الوهن والانقسام والتردد.
أما الغاية من الحرب كما حدّدها أبو جهل فهي: « واللّٰه لا نرجع حتى نرد بدراً فنقيم عليه ثلاثاً، فننحر الجُزُرَ ونطعم الطعام ونُسقى الخمر وتَعزف علينا القيان، وتسمع بنا العربُ وبمسيرنا وجمعنا فلا يزالون يهابوننا» 2. وفيهم أنزل اللّٰه تبارك وتعالى: «ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطراً ورئاءَ الناس ويصدُّون عن سبيل اللّٰه، واللّٰهُ بما يعملون محيط» 3.
لدينا الآن صورة واضحة لوضع المشركين المتفكّك قيادة وقاعدة. والذين يعيشون الخوف الحقيقي من المسلمين. أرسل النبي صلى الله عليه و آله و سلم عماراً وابن مسعود ليروا وضع المشركين ليلة المعركة، فقالا: « القوم مذعورون فزعون إن الفَرس ليريد أن يصهل فيضرب وجهه مع أن السماء تسح عليهم» 4.
و - نتائج المعركة: إذا افترضنا أن الوضع هو كما عرضناه وطرحنا السؤال: أيّ من الفريقين له الحظُّ الأوفر في الانتصار؟ سيكون الجواب ومن دون تردّد أن الفوز سيكون من نصيب المسلمين. وفي هذا دلالة على أن المسلمين بقيادة النبيِّ قد أخذوا بالأسباب المادية للنصر. ولكن، من وجهة نظرنا كمؤمنين، الأخذ بالأسباب لا يعني حتمية النصر، ولكنه يعني أن احتمال النصر هو الاحتمال الأوفر. والأخذ بالأسباب يسمى العزم، يقول تبارك وتعالى:
« فإذا عزمت فتوكل على اللّٰه» .
بقي أن نستعرض العامل الحاسم في النصر وهو التوكل على اللّٰه.
وما النصر إلا من عند اللّٰه.
يقول تبارك وتعالى: «قد كان