173في منامك قليلاً، ولو أراكهم كثيراً لفشلتم ولتنازعتم في الأمر ولكن اللّٰه سلم إنه عليم بذات الصدور» 1.
ما رآه النبي من قلة عددهم يشدّ من عزيمته ويشدّ من عزيمة أصحابه، ولكن تدبير من ربِّ العالمين.
ب - معسكر المسلمين عشية المعركة: جاء في طبقات ابن سعد (ص14) : « ومضى رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم حتى إذا كان دون بدر أتاه الخبر بمسير قريش. فأخبر به رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم أصحابه واستشارهم» .
جاء في الطبري (ص424) : « أن أبا بكر قال: فأحسن. ثم قام عمر بن الخطاب فقال: فأحسن» . نعود إلى ابن سعد: « فقال المقداد بن عمرو البهراني: والذي بعثك بالحق، لو سرت بنا إلى بَرك الغِماد لسرنا معك حتى ننتهي إليه» . ويضيف ابن سعد:
« أنه بعد أن انتهى المقداد قال رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم: أشيروا عليّ، وإنما يريد الأنصار. فقام سعد بن معاذ فقال: أنا أُجيب عن الأنصار، كأنك يا رسول اللّٰه تريدنا؟ قال: أجل. قال: فامض يا نبي اللّٰه لما أردت، فو الذي بعثك بالحق لو استعرضت هذا البحر فخضته لخضناه معك ما بقي منّا رجل واحد. فقال رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم سيروا على بركة اللّٰه، فإن اللّٰه قد وعدني إحدى الطائفتين، فو اللّٰه لكأني أنظر إلى مصارع القوم» .
« ثم إن النبي صلى الله عليه و آله و سلم أخذ يتحسّس أخبار قريش وعددهم عن طريق العيون التي بثّها» 2.
« ونزل المسلمون عند ماء بدر واقترح سعد بن معاذ أن يبنى عريش للنبيّ صلى الله عليه و آله و سلم حتى يكون بمأمن فيه رجاء أن يعود سالماً إلى مَن تخلف من المسلمين في المدينة وأن لا ينكبوا بفقده» 3وقام على حراسته سعد بن معاذ ومعه رهط من الأنصار.
وكان النبي صلى الله عليه و آله و سلم قد خلف على أهل العالية، لشيء سمعه عنهم أحد صحابته، والعالية هي قباء وخطمة ووائل وواقف وبنو أمية بن زيد وقريظة والنضير، هذا حق لا يترك مجالاً للمفاجآت تأتيه من خلف ظهره.
وليلة الموقعة غشي المسلمين نعاس فناموا. وأمطرت السماء مطراً خفيفاً ساعدهم على النشاط وطهرهم، وثبت الأرض تحت أقدامهم. « فلما أصبح النبيُّ صلى الله عليه و آله و سلم صفّ أصحابه قبل أن تنزل قريش، وطلعت قريش ورسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم، يصفف أصحابه ويعدلهم كأنما يقوم