157والموردة والمطيبة وفي هذا يقول الحارث بن خالد: مَن ذا يسايل عنّا أين منزلنا
ومن متنزهاتهم شعب خم، وهو يتصل بالمسفلة اليوم، وكان مزروعاً فيه عدة بساتين تتصل بالليط ثم تتصل بجرول.
وكانوا يخرجون إلى حائط الحمام بجوار المعلاة، فقد كان لهم هناك نخيل وزروع، وكانت بساتين تمتد إلى الخرمانية بقرب ما نسميه المعابدة، ثم تمضي إلى المحصب في الطريق المؤدي إلى منىٰ.
وكان لهم في المحصب دكة يجتمع المتنزهون فيها أصيل كل يوم، وكانت تشرف على نخيل باسق وبساتين تحتضنها شعاب الوادي الممتدة إلى منى.
كما كانت لهم بساتين في وادي فخ ونسميه الشهداء 2- اليوم - وأخرى بوادي طوى في امتداده من الحجون إلى ريع الكحل وبساتين غير هذه في ضواحي مكة العليا إلى مزدلفة فعرفة، وكانت المنازل في المناطق التي ذكرناها لا تتكاثف على قاعدة المدن الحاضرة بل تتفرق، وتفصل بينها مساحات خالية على عادة العرب في بناء قراهم ومدنهم ، أما الناحية المتصلة بالمسجد فكانت تضيق بنزلائها؛ لتنافسهم في مجاورة الكعبة. وقد بنى القرشيون في أواخر عهدهم ما يشبه السور في أعلى المدعى وبوّبوه، ولم يثبت أنهم بنوا مثله من ناحية أخرى منها 3.
ثانياً: الناحية العمرانية في عهد الراشدين:
تتزاحم البيوت في هذا العهد حول المسجد؛ لأن الأغلبية من مهاجري الآفاق كانوا يفضلون قربه، فأخذ وسط أمّ القرى شكل المدينة المكتظة، وتركت الأطراف للقبائل التي تنزلها تؤدي معاني الضواحي للبلدة.
ولم يزد الاكتظاظ في طول البلدة عن «المدعى» من الناحية الشمالية، وعن أوائل الهجلة، وقبل الشبيكة من الناحية الجنوبية. أما شرقها إلى غربها فقد كان تكاثف السكان فيها من أوائل مدخل أجيادين إلى القشاشية، إلى النواحي القريبة من سوق الليل وشعب الهواشم، ومن سويقة إلى قرارة المدحا إلى الجزء القريب مما نسميه الشامية.
وبدأت الثروات في عهد عثمان تزيد أرقامها في مكة عما عهدناها في عهد الشيخين؛ لأنه أضيف إلى نشاط مكة التجاري مصدر جديد من مصادر الثراء ذلك هو عطاء عثمان، وليس غريباً أن يكون عطاء عثمان مصدراً للثراء، فقد كان قبل خلافته من أجواد العرب الممتازين، ونوادره في هذا معروفة ومشهورة 4، فلما انقادت إليه الخلافة، وكانت الفتوحات قد اتسعت، وغنائم الأمصار قد انهمرت على المدينة كان لابدّ لجود عثمان من أن يتسع مداه، ولابد لجلة قريش وكبار أهليها من ذويه وأقاربه من أن ينالهم جوده الواسع. فقد ذكر أنه أعطى الزبير ستمائة ألف، وأعطى طلحة مائتي ألف، وأعطى غيرهم مثل ذلك، فتدفقت الأموال على مكة إلى جانب ما تدفق إليها من غنائم الحروب، وجلب الرقيق إليها من أطراف الأرض المفتوحة شراءً أو اهداءً، فأينعت الحضارة، وكثرت الأيدي العاملة في