147غير أنهم لم يكونوا أعراباً، أي بدواً يتنقلون من مكان الىٰ مكان، بل كانوا حضراً استقروا في الأماكن التي نزلوا فيها.
والمستشرق (أوليري) كغيره من المستشرقين يرجع أصل (بني قريظة) ، و (بني النضير) إلى اليهود، ويرىٰ أنهم غادروا ديارهم، وجاءوا الىٰ هذه المنطقة في الفترة الواقعة ما بين خراب الهيكل في عام (70م) وتنكيل (هدريان) باليهود في عام (132م) .
وتتضح خارطة التوزيع الاستراتيجي لليهود في شبه الجزيرة على النحو التالي:
1 - يثرب (المدينة) :
سكن اليهود يثرب، وكان يسكن معهم من غير «بني اسرائيل» بطون من العرب، وظل اليهود أصحاب يثرب حتى جاء (الأوس والخزرج) ، فنزلوها واستغلوا الخلافات التي كانت قد وقعت بين اليهود فتغلّبوا عليهم، وسيطروا على يثرب، وقسموها فيما بينهم فلم يبق لليهود أيّ سلطان عليها 1.
وتمركز (بنو قينقاع) وعددهم حوالي (1000 شخص) في قلب يثرب، وتمركز (بنو قريظة) وعددهم حوالي (1500 شخص) في ضواحي يثرب، باتجاه الجنوب الشرقي، بمنطقة مهزور على بعد بضعة أميال من يثرب، وتمركز (بنو النضير) وعددهم حوالي (1500 شخص) في ضواحي يثرب، في اتجاه الغرب، بمنطقة بُطحان بالعالية على بُعد ميلين أو ثلاثة من يثرب، وكانت عامرة بالنخيل والزروع 2.
ومن بين اليهود الذين سكنوا يثرب وضواحيها بطون صغيرة أخرى كبني عكرمة وبني ثعلبة، وبني محمر، وبني زعورا، وبني عوف، وغيرهم، إلّاأنّ هذه البطون الصغيرة كانت تابعة في سياستها للبطون الكبيرة! كبني قينقاع والنضير وقريظة.
2 - خيبر:
تمركز (بنو خيبر) وعددهم حوالي (3000 شخص) على بعد مئة ميل شمال المدينة، وهم أشد اليهود قوة، وأوسعهم ثراءً لخصوبة أرضهم، وكثرة مزارعهم وبساتينهم، وضخامة حصونهم ومتانتها.
وخيبر موضع غزير المياه، عرف واشتهر بزراعته، وبكثرة ما به من نخيل.
وعند إجلاء اليهود عن خيبر تفرّقوا، فذهب بعض منهم إلى العراق، وبعض آخر إلى الشام، وبعض منهم الىٰ مصر، وقد بقوا - في كلّ هذه المواضع - متعصبين (لخيبر) 3.
3 - فدك وتيماء:
تمركزت فيهما تجمعات صغيرة تقدّر بحوالي (1000) شخص.
وفدك موضع غلب عليه اليهود. وسكانهُ مثل أغلب يهود الحجاز، مزارعون عاشوا على الزراعة، كما اشتغلوا بالتجارة، وببعض الحرف التي تخصص فيها اليهود مثل: الصياغة والحدادة والنجارة.
أما (تيماء) : فهي من المواضع القديمة، وتعتبر ملتقى طرق هامة يسلكها التجار. وقد استبدّ بها اليهود، فأقاموا