144هذا في الوقت الذي يحاول فيه الإعلام الاستكباري إظهار اليهود في هذه الأيام. يمظهر الحمْل الوديع، وكأنهم المسالمون الذين يوفون بالعهد؛ ليخلط في ذلك الحقائق بالأوهام.
يتضمن البحث المطالب التالية:
1 - خصائص النفسية اليهودية.
2 - علاقة اليهود بالجزيرة العربية.
3 - الأوضاع الاقتصادية لليهود.
4 - التجمع اليهودي في عصر البعثة المحمّديّة.
1 - خصائص النفسية اليهوديّة:
ظهرت تسمية اليهود بعد السبي، لأنّ كلمة (يهودي) تعني بالأصل أفراد قبيلة أو مملكة (يهودا) ، أُطلقت بعد ذلك على أيّ فرد من أفراد اليهود، وشملت أخيراً كل أفراد اليهود في العالم 1.
ولفظة « يهود» مشتقة من (هادوا) ، أي: (تابوا، والهود: التوبة، هاد يهود هوداً، أو تهوّد: أي تاب ورجع إلى الحق، وفي القرآن الكريم: «إنّا هُدنا اِليكَ» أي: تبنا إليك، وهاد وتهوّد: إذا صار يهودياً) 2.
وعلىٰ أي حال، فإنّ اليهود يدّعون أنّ نسبهم يرقى إلى النبيِّ إبراهيم الخليل عليه السلام، الذي نزح من «أور» في بلاد (الكلدانيين) جنوبي العراق، حوالي سنة 1800 (ق. م) ، وعبر نهر الفرات إلى أرض كنعان، حيث قومُه ونسلُه من زوجه (سارة) ، وسمّوا فيما بعد ب (العبرانيين) ، وهو مشتق - على الرأي الأرجح - من الجذر (عٰابَر) المعروف في كلّ اللغات الساميّة بمعنىٰ «اجتاز من جهة إلى أخرى» ، ومنه اشتقاق العِبْر «بكسر العين وتسكين الباء» أي الضفة الأخرىٰ 3.
ولكنّ الاستعمال الحديث لكلمة «عبري» أصبح يرتبط بالمقدّسات التراثية القديمة، والجوانب الثقافية لليهود . فيقولون مثلاً «اللغة العبريّة» و «الأدب العبريّ» و «الجامعة العبريّة» . . . الخ 4.
ومما يجدر ذكره هنا: أن اليهود عرفوا خلال تاريخهم الطويل بأسماء أخرىٰ منها (الإسرائيليون) نسبة إلى (إسرائيل) ، وهو لقب للنبيِّ يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل عليه السلام. وقد اختلفت الروايات في أصل كلمة «إسرائيل» ، وهو على الأصح اسم مركب من لفظتين ساميتين قديمتين هما (أسر) بمعنى القوة والغلبة و (ايل) أي اللّٰه، فيكون معنى الكلمة « قوة اللّٰه» 5.
وقد اقترنت لفظة (اليهود) دائماً بذكر الجوانب السيئة في خُلُق «بني إسرائيل) نحو قوله تعالى: «وقالت اليهود يد اللّٰه مغلولة غلّت أيديهم ولُعنوا بما قالوا. . .» 6.
ويحمل اليهود في أعماقهم خصائص نفسية بالغة التعقيد، وتنطوي علىٰ أخلاق غاية في العوج والالتواء؛ ولذلك تموج صدورهم بحقد طافح على الناس جميعاً، فيسعون في الأرض فساداً، ولا يرون لأنفسهم راحةً أو سعادةً إلّا على أنقاض الآخرين، ولا يستريحون إلا بالدّسِّ والكيد والتآمر والبغي، والتخريب والانتقام.