141للكفارات يقتضي كونها للعقوبة والتأديب، ولا عقوبة للصبي على مخالفته، وما ذكره من لزوم الالتزام به في الصيد أيضاً فجوابه: أنّه لو لا النصّ الصحيح الخاص الذي أشرنا اليه، لكنّا نلتزم به في الصيد أيضاً، فالنقض بالصيد غير وارد.
وثانياً: لو غضضنا النظر عن دعوى انصراف أدلّة ثبوت الكفارة عن الصّبي، كفى في الحكم بعدم ثبوت كفارة الصيد عليه أدلّة رفع القلم فإنها حاكمة على مطلق أدلّة التكاليف.
وأمّا ما جاء في كلام النووي فيرد عليه:
أولاً: بأنّ جناية الصبي في حال الإحرام تختلف في حقيقتها عن الجناية على المال أو النفس، بأنّ الأُولى تجاوز على حقّ من حقوق اللّٰه وحرمةٍ من حُرماته، أمّا الثانية فإنها تجاوز على حقوق النّاس وحرماتهم، فقد يعفى عن الأُولى ولا يُعفى عن الأخيرة، فلا يصحّ قياس أحدهما على الآخر، ولا تعميم حكم الأخيرة على الأولى.
وثانياً: ما ذكرناه سابقاً من عدم جريان الرفع الامتناني في مثل الجناية على نفس محترمة أو مال محترم، بخلاف غيرها من المحرّمات والتكاليف، التي لا يلزم من رفعها اعتداء على حقوق الآخرين.
وثالثاً: مبنى القول بأنّ عمد الصّبي خطأ في باب الجنايات، ما ورد في الحديث من أنّ عمد الصّبي خطأ، لكن هذا النصّ لا معنى لشموله لمورد المحرّمات الّتي يشترط في ثبوت الكفارة فيها صدورها عن عمد، ولا حكم لارتكابها خطأ، بل هي مختصة بالموارد الّتي يكون لها حكمان: حكم خاص بحال العمد، وحكم خاص بحال الخطأ كما في الجناية على النفس مثلاً، فيكون معنى (عمد الصبي خطأ) أن حكم عمد الصبي هو الحكم الثابت لحال الخطأ في غيره، قال المحقّق السيد الخوئي حسبما جاء في تقرير بحثه:
« وبالجملة قوله عليه السلام (عمد الصبي خطأ) يشمل المورد الّذي له سنخان من الحكم حكم ثابت لصورة العمد، وحكم ثابت لصورة الخطأ، وهذا النحو من الأحكام إنما هو في باب الجنايات والديات، فإذا جنى الصّبي عمداً يترتب على فعله أحكام الخطأ، وإذا ارتكب القتل عمداً، يعامل معه معاملة القاتل خطأ، وأما المورد الّذي ليس له إلّاحكم واحد مترتب على صورة العمد خاصّة كأكثر الأحكام، فغير مشمول لهذه