133مذاهبهم، ومشهور فقهاء الإمامية، على اشتراط حج الصّبي المميّز بإذن وليّه، وذهب جمع من فقهاء الإمامية وغيرهم من فقهاء ساير المذاهب كأبي اسحاق المروزي إلى عدم اشتراطه بإذن الولي.
قال الفقيه اليزدي في العروة الوثقىٰ: «يستحب للصّبيّ المميز أن يحجّ، وإن لم يكن مجزياً عن حجّة الإسلام، ولكن هل متوقف ذلك على اذن الولي أو لا؟ المشهور بل قيل:
لاخلاف فيه: أنّه مشروط بإذنه» 1.
وقال النووي في شرح المهذب:
ثم إن كان - أي الصبي - مميزاً أحرم بنفسه بإذن وليّه ويصحّ بلا خلاف، فإن استقل وأحرم بنفسه بغير إذن وليّه فوجهان مشهوران ذكر المصنف دليليهما، أحدهما: يصحّ وبه قال أبو اسحاق المروزي، وأصحهما لا يصح، وبه قال أكثر أصحابنا المتقدمين كما ذكره المصنف، وكذا نقله - أيضاً - ابن الصباغ والبغوي وآخرون 2.
والحقّ أنّ حجّ الصّبي صحيح من غير توقّف على إذن الولي، لإطلاق الأدلّة الدّالّة على صحّة حجّه.
ثم إن القائلين بالاشتراط استدلوا بدليلين:
الأوّل: أن الحجّ عبادة توقيفية متلقاة من الشرع ومخالف للأصل، فيجب الاقتصار فيه على المتيقن وهو الحجّ بإذن الولي فيما نحن فيه.
الثاني: أنّ الحجّ يستلزم بعض التصرفات الماليّة كالهدي والكفارة في بعض الأحيان وهو متوقف على إذن الولي.
والجواب عن الأوّل: ما أشرنا اليه من إطلاق الأدلّة الدّالّة على صحّة حج الصّبي، فلا تضر مخالفة الأصل أو الخروج عن القدر المتيقن.
وعن الثاني: أن الحجّ غير متقوم بالتصرفات الماليّة وإن وجبت في بعض الأحيان، ويمكن القول في الصّبي بتوقف خصوص تصرفه المالي في الحجّ على إذن الولي، فإن أذن فهو، وإن لم يأذن ثبت له حكم العاجز، ويصحّ حجّه على كلّ حال.
كيفية حجّ الصّبي:
يحجّ الصّبي إذا كان مميّزاً بنفسه، ولا تختلف كيفيّة حجّه عن حجّ البالغ إلّا في توقّفه على الاستيذان بناءً على القول به، وأمّا الصّبي غير المميّز فلا خلاف بين الفقهاء في أنّ طريقة الحجّ به إجمالاً: هي أن يحمله الولي على الإتيان بأفعال الحجّ الّتي يقدر على مباشرتها بنفسه، وأن ينوب عنه فيما