127وجوب الحجّ أكثر من مرة واحدة.
صحّةُ حجِّ الصّبيِّ:
ذهب فقهاء المسلمين عامة - ما عدا أبا حنيفة - إلى صحّة حجّ الصّبي، بل نسب إلى ابن المنذر والقاضي عياض دعوى الإجماع عليها 1، وذهب أبو حنيفة إلى عدم صحّته وقال: لا ينعقد إحرام الصّبي، ولا يصير محرماً بإحرام وليّه 2.
والدليل على صحّة حجّ الصّبيّ أُمور:
الأوّل: « ما رواه الشيخ الطوسي بسند صحيح عن عبد اللّٰه بن سنان عن الصادق عليه السلام قال: سمعته يقول: مرّ رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم برويثة وهو حاجّ إليه امرأة ومعها صبيّ لها، فقالت: يا رسول اللّٰه أيحجّ عن مثل هذا؟ قال: نعم، ولكِ أجره» 3.
الثاني: ما رواه البخاري في باب حجّ الصّبيان عن السائب بن يزيد قال: « حُجّ بي مع رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم وأنا ابن سبع سنين» 4.
فإنّ ظاهر التّعبير أنّ ذلك قد تمّ على مرآى ومسمع من رسولاللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم ولم ينكر، فيدلّ على تقريره صلى الله عليه و آله و سلم لحجّ الصّبي الكاشف عن صحّته.
الثالث: ما رواه مسلم في صحيحه عن ابنعباس عن النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم قال: « رفعت امرأةٌ صبيّاً لها فقالت:
يا رسول اللّٰه ألهذا حجّ؟ قال: نعم، ولكِ أجر» 5.
الرابع: ما رواه ابن ماجة عن جابر قال: « حججنا مع رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم معنا النساء والصبيان فلبينا عن الصبيان ورمينا عنهم» 6.
ودلالته على صحة حجّ الصّبيّ من حيث ظهوره في أنهم إنما فعلوا ذلك عن أمر رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله و سلم.
الخامس: الروايات الّتي دلّت على عدم إجزاء حجّ الصّبي، وأنّ عليه حجّة الإسلام إذا بلغ، فانها ظاهرة في صحّة أصل الحجّ؛ لأنه لو كان باطلاً من أصله لم يصل الدور إلى بيان حكم عدم إجزائه عن حجّة الإسلام، إذن فالتعرض لبيان عدم اجزائه عن حجة الإسلام يدلّ على كون صحته مفروغاً منها.
والروايات التي دلّت على عدم الإجزاء كثيرة من طرق الإماميّة وغيرها، سوف نشير اليها في البحث الآتي.
وأمّا الذي ذهب اليه أبو حنيفة من عدم صحّة حجّ الصّبي فقد استدلّ عليه بما يلي:
الأوّل: حديث رفع القلم عن