125ويشهد الحقائق بكل نصاعتها - أن يبقى في ذهنه شيء من رواسب الماضي العفن حيث الحزبية والطائفية المقيتة ونربأ به أن يكون في ذهنه شيء على عليّ إمام المتقين وقائد الغر المحجلين، خصوصاً أن له موقفاً مميزاً في كتابة الطبعة الأولى من كتابه المطبوع في مصر عندما يتحدث عن يوم الدار، ويثبت فيه الوصية لأمير المؤمنين عليه السلام ويثور عليه المتعصبون أتباع بني أمية، ويقولون له: هذا عين ما تقوله الشيعة، فيقول لهم: هذا عين ما يقوله التاريخ، ثم يمحو ويحذف هذا الكلام من الكتاب عندما يتفق معه على شراء 500 خمسمائة نسخة في الطبعة الثانية، فيهدم بهذا هيكل كل ما بناه من تحقيق علمي نزيه وبحث موضوعي مجرد.
وهنا في هذا الموضوع عندما يتعرض لموضوع فتح مكة المكرمة يجرد علياً عن أي مكرمة بحذف مقصودٍ واهمال مقصود، وإذا اضطرته حقائق التاريخ التي يكتبها الطبري وابن الأثير واليعقوبي وابن هشام وغيرهم ممن تعرضوا لأكثر تفاصيل الفتوحات المباركة، يختصرها اختصاراً يكاد معه يمحو ذكر الحادثة. فهو مثلاً في مسألة الراية لا يذكر العباس ولا يذكر علياً عليه السلام، وفي مسألة أم هاني لا يذكر علياً وفي مسألة هدور دم الأعداء الألداء في العداوة الذين أمر النبي صلى الله عليه و آله و سلم علياً بقتلهم لا يذكر علياً، وفي مسألة تكسير الأصنام يتجاهل علياً تماماً، وهكذا يبدو هيكل وكأنه في حرب مع علي عليه السلام غير معلنة بل معلنة.
من هنا نوصي القراء الكرام أن يعودوا الىٰ قراءة علي وفق ما أرسله الآخرون على الأقل إرسال المسلمات رغم الظروف الصعبة التي مرّت على المؤرخين وملاحقتهم وتفتيش دفاترهم، وعرض مؤلفاتهم على أجهزة المخابرات، حتى لا يذكر فيها علي بخير. ورغم مراقبة الشاردة والواردة، ورغم المتعصبين الكثيرين ورغم هذا كله كانوا أكثر إنصافاً لعلي عليه السلام الذي وردت فيه الآيات والروايات الكثيرة. «عنوان صحيفة المرء حبّ علي بن أبي طالب» 1.
الهوامش: