65ولا بأس بالتنبيه في آخر كلامنا عن نَمِرَة، بأنّ في حدود عرفات يوجد جبل اسمه (جبل نَمِرَة) وهو غير قرية نَمِرَة التي هي بطن عرنة وانّما عرّفه البلادي "بأنّه جبلٌ صغير بارز تراه غربك وأنت واقفٌ بعرفة بينك وبينه سيل وادي عرنة، وإذا كنت تؤمّ عرفة عن طريق ضب تمرّ بسفحه الشمالي" (16) .
وهذا الجبل خارج عن حدود عرفة كما هو واضح.
2- عُرَنَة:
- بضمّ العين المُهملة وفتح الراء المهملة وفتح النون - هي وادي ما بين عرفات والحرم عرضاً وهو حدّ عرفات من الناحية الغربيّة، حيث يبتدئ من الجهة الشماليّة من مُلتقي وادي وصيق بوادي عُرَنَة وينتهي من الجهة الجنوبيّة عندما يُحاذي أوّل سفح الجبل الواقع بين طريق المأزمين وطريق ضب والذي بطرفه الشمالي قرية نَمِرَة من الجهة الشرقيّة غربيّ الواقف هناك وغربيّ سفح الجبال التي في منتهي عَرَفَة من الجهة الجنوبيّة الشرقيّة بخطٍ مستقيم، وقد قُدِّرت المسافة بين وصيق بوادي عُرَنَة من الجهة الشماليّة إلي مُنتهاه من الجهة الجنوبيّة بخمسة آلاف متر (17) .
وبين وادي عُرَنَة المذكور وبين الموقف عَلَمان كبيران يقعان شمالي شرقي مسجد إبراهيم، وهما الحدّ الفاصل بين وادي عُرَنَة وبين عَرَفَة كما ذكر ذلك تقيّ الدين الفاسي في كتابه (شفاء الغرام) حيث قال: "وكان ثمّة ثلاثة أعلام سقط احدها وهو الذي إلي جهة المغمّس وأثره بين ورأيت عنده حجراً مُلقيً مكتوباً فيه: أمر الأمير الأصفهسلار الكبير مظفّر الدين صاحب إربل حسان أمير المؤمنين بإنشاء هذه الأعلام الثلاثة بين منتهي أرض عَرَفَة ووادي عُرَنَة، لا يجوز لحاجّ بيت الله العظيم أن يجاوز هذه الأعلام قبل غروب الشمس، وفيه كان دلك بتاريخ شعبان من شهور سنة (605) ، ورأيت مثل ذلك مكتوباً في حجرٍ مُلقيً في أحد العَلَمَين الباقيَين، وفي هذَين العَلَمَين مكتوب: أمَرَ بعمارة عَلَمي عرفات، وأضاف كاتب ذلك: هذا الأمر للمستظهر العبّاسي، ثمّ قال: وذلك في شهر. . . سنة أربع وثلاثين وستمئة " (18) .
وقد تقدّم منّا ذكر الحديث عن النبيّ (صلّي الله عليه وآله وسلم) في خبر إسحاق الذي يقول: "ارتفعوا عن وادي عرنة بعرفات" وهو يدلّ دلالة واضحة علي أنّ عرنة ليس من موقف عرفة، للأمر بالارتفاع عنه الذي لازمه النهي عن الإتيان بالوقوف فيه. وبعبارةٍ اخري أنّ وادي عُرَنَة لمّا كان ملاصقاً لموقف عَرَفَة، بل ومشابهاً له احتاج إلي أن يُنبَّه علي عدم إجزاء الوقوف فيه والأمر بالوقوف حين الارتفاع عنه.