62وغيرها. فقالت الروايات وتبعها الفقهاء: بأنّ الحاج لو وقف "بنَمِرَة أو عَرَفَة، أو ثوية أو ذي المجاز أو بجنب الأراك أو غير ذلك ممّا هو خارج عن عَرَفَة لم يجزه"، فمن الروايات:
1- صحيح معاوية بن عمّار عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: "فإذا أنتهيت إلي عَرَفات فاضرب قباك بنَمِرَة وهي بطن عُرَنَة دون الموقف ودون عُرَنَة. . . وحدّ عَرَفَة من بطن عُرَنَة وثوية ونَمِرَة إلي ذي المجاز، وخلف الجبل موقف" (2) .
2- خبر سماعة عن الإمام الصادق (عليه السلام) : "واتّقِ الأراك ونَمِرَة وهي بطن عُرَنَة، وثوية وذي المجاز فإنّه ليس من عَرَفَة ولا تقف فيه" (3) .
3- خبر إسحاق بن عمّار عن الإمام الكاظم (عليه السلام) . قال: قال رسول الله (صلّي الله عليه وآله وسلّم) : "ارتفعوا عن وادي عُرَنَة بعرفات" (4) .
أقول: إنّ هذه الأماكن الخمسة هي حدود عَرَفَة من ناحية الغرب (الحرم) وهي راجعة إلي أربعة كما هو المعروف من الحدود، لأنّ نَمِرَة هي بطن عَرَفَة كما روي في حديث معاوية المتقدّم عن الإمام الصادق (عليه السلام) .
شرح الألفاظ:
1- نَمِرَة:
بفتح النون وكسر الميم وفتح الراء المهملة (وهي بطن عُرَنَة) كما ذكرت الروايات المتقدّمة.
وقد ذكر ابن تيمية عن نَمِرَة كانت قرية خارجة عن عرفات من جهة اليمن، فيقيمون فيها إلي الزوال كما فعل النبي (صلّي الله عليه وآله وسلم) ثمّ يسيرون منها إلي بطن الوادي، وهو موضع النبيّ (صلّي الله عليه وآله وسلم) الذي صلّي فيه الظهر والعصر وخطب، وهو في حدود عَرَفَة لبطن عُرَنَة وهناك مسجد يُقال له مسجد إبراهيم، وانّما بُني في أوّل دولة بني العبّاس".
وقال ابن القيّم: "نَمِرَة قرية غربيّ عرفات، وهي خراب اليوم، نزل بها النبي (صلّي الله عليه وآله وسلم) حتّي إذا زالت الشمس أمر بناقته القصواء فرحّلت له، ثمّ سار حتّي أتي بطن الوادي من ارض عَرَفَة فخطب الناس، وموضع خطبته لم يكن من الموقف، فإنّه خطب بعُرَنَة، وليس من الموقف، فهو (صلّي الله عليه وآله وسلم) نزل بنَمِرَة وخطب بعُرَنَة ووقف بعَرَفَة" (5) .
والمُراد من المسجد الذي يسمّي مسجد إبراهيم فيما ذكره ابن تيمية، هو المسجد القديم الذي اختلف فيه أنّه من عرفات أو خارجها علي ثلاثة اقوال:
1- فقدذكر إمام الحَرَمين الجويني والقاضي حسين والرافعي وجماعة من الخراسانيّين قالوا: إنّ مقدّم المسجد - القديم - في وادي عُرَنَة ومؤخّره في عَرَفات، ويتميّز ذلك بصخراتٍ كبار فُرِشت هناك.