43
فقه الحجّ الاستدلالي المقارن وجوب الحج وفوريته في دراسة استدلالية مقارنة
تأليف: محسن الأراكي
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي محمّد وآله الطّاهرين
نتناول في بحثنا هذا فقه الحج علي ضوء الاستدلال، مقارناً بين اهم المذاهب الفقهية وخاصة المذاهب الخمسة التي عليها مدار العمل بين الاكثرية الساحقة للمسلمين، وهي المذاهب الجعفري، والحنفي، والحنبلي، والمالكي، والشافعي، وعلي الله نتوكل وبه نستعين.
إن بحثنا عن فقه الحج يقع ضمن فصول:
الفصل الأول:
وجوب الحج وما يتعلق به
وجوب الحج اجملاً مما اتفقت عليه كلمة المسلمين بطوائفهم كافة، ويعتبر من الضروريات التي لا حاجة فيها إلي إقامة الدليل، ومن طلب الدليل يكفيه بعد الاجماع، دليل الكتاب وهو قوله تعالي: ولله علي الناس حجّ البيت من استطاع اليه سبيلاً 1 ومن السنة الاحاديث المتواترة تفصيلاً أو اجمالاً مثل ما رواه الفريقان من ان الاسلام بني علي خمس - منها - الحج2.
ولا فرق في وجوبه بين الذكر والانثي والخنثي لاطلاق ادلّة الوجوب وعدم ما يدل علي التقييد.
ثم إن هاهنا مسائل:
المسألة الأُولي: لا يجب الحج - بشرائطه - إلاّ مرة واحدة في العمر، قام علي ذلك اجماع المسلمين، قال في الجواهر: "ولا يجب باصل الشرع إلاّ مرة واحدة اجماعاً بقسميه من المسلمين" 3 وقال ابن قدامة المقدسي: "واجمعت الأُمّة علي وجوب الحج علي المستطيع في العمر مرة واحدة" 4 ولم يخالف في ذلك إلاّ الصدوق في العلل فانه قال: "والذي اعتمده وافتي به ان الحج علي اهل الجدة في كل عام فريضة " 5 وقد استدل لذلك بما رواه باسناده عن أبي جرير القمي عن ابي عبدالله (عليه السلام) قال: "الحج فرض علي اهل الجدة في كل عام" 6 بروايتين أخريين ضعيفتي السند قريبتين الي هذه الرواية في المضمون.
ويكفي حجة عليه الاجماع الذي اشرنا إليه وبه يسقط الاستدلال بالرواية لضرورة حملها علي ما لا يخالف المجمع عليه أو رفع اليد عنها، اضف إلي ما ورد في الروايات المستفيضة من التصريح بعدم وجوبه اكثر من مرة واحدة مثل ما رواه البرقي في الصحيح عن علي بن الحكم، عن هشام بن سالم عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: "ما كلّف الله العباد إلاّ ما يطيقون - الي ان قال - وكلّفهم حجّة واحدة وهم يطيقون أكثر من ذلك، الحديث " 7.
وروي الصدوق باسناده عن الفضل بن شاذان عن الرضا (عليه السلام) قال: "انما امروا بحجّة واحدة لا اكثر من ذلك" 8.