131قوله تعالي: رسولا منهم لا يوجد خلاف علي أن الرسول المشار إليه في الآية هو خاتم الأنبياء، وبذلك تكون الآية قرينة، علي أن المراد بالأمة المسلمة، التي طلبها إبراهيم وإسماعيل من الله تعالي، هي أمة ذات صلة مباشرة بخاتم الأنبياء، حيث يبعث فيهم لتعليمهم الكتاب والحكمة ولإعلان طهارتهم.
قوله تعالي: ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم .
أقول: قدم التعليم علي التزكية لكونهم مسلمين طاهرين طهارة الإِسلام، التي يتوقف عليها تعليم الكتاب والحكمة، أما في قوله تعالي: هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين 2/62، وقوله تعالي: لقد من الله علي المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين 164/3 فإنه قدم التزكية علي التعليم لأن هؤلاء اْلأُميين المذكورين في الآية الأولي مُشركون. وكذلك المؤمنون المذكورون في الآية الثانية كانوا من قبل في ضلال مبين وهو الشرك أيضاً، والمشركون نجس ولا تزول نجاستهم إلا بالإِسلام الاصطلاحي.
قوله تعالي: في الأميين نسبة إلي أم القري وهي مكة.
وقوله تعالي: رسولا منهم أي من أهل مكة.
وأهل مكة هم ذرية إسماعيل وهم قسمان:
الأول: اْلأُمة المسلمة التي اجتنبت عبادة الأصنام، ومن هؤلاء آباء النبيّ (صلّي الله عليه وآله وسلم) الذين أشار إليهم قوله تعالي: الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين 218 - 219/26(19)
الثاني: ذرية إبراهيم التي سفهت نفسها وانحرفت.
إنّ العلاقة التي ترسمها الآية بين الأمة المسلمة والنبيّ المبعوث فيها، هي علاقة تلاوة آيات الله عليهم، أي إنذارهم، ثم تعليمهم الكتاب والحكمة ثم إعلان طهارتهم، ومدحهم والثناء عليهم، وإخراجهم للناس ليكونوا شهداءه وقد أثني الله تعالي علي هذه الأمة بقوله: كنتم خير أمة أُخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله. . . 110/3.
الآية الثانية:
قال تعالي:
يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون. وجاهدوا في الله حقّ جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدّين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبلُ وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء علي الناس فأقيموا الصلاة واتوا الزكاة واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولي ونعم النصير 77 - 78/22.