76النسائي 1وابن ماجة 2وأبي داود 3وتأريخ المدينة لابن شَبَّة 4واستدلَّ أصحابُ السُنن الثلاثة المذكورة بمضمون الحديث علىٰ جواز زيارة قبور المشركين، وأفردوا لهذا الحديث باباً خاصاً في سُننهم تحت عنوان: «جواز زيارة قبر المشرك» .
الحديث المذكور يُناقض القرآن:
لسنا في صدد الجواب عن هذا التحريف الوارد بشكل حديث، إلّاأننا لا نرىٰ مفرّاً من التنويه الىٰ ثلاث نقاط مهمة:
1 - يتنافىٰ هذا الحديث ومضمون الآية الشريفة: ولا تصلّ علىٰ أحد منهم ماتَ أبداً ولا تَقمُ علىٰ قبره إنّهم كفروا باللّٰه ورسوله وماتوا وهم فاسقون 5.
فهذه الآية كما نلاحظ لا تمنع المسلم من الدّعاء والصلاة علىٰ قبر المشرك أو المنافق فحسب، بل إنّها تحرّض بل وتنهى المسلمين كافة حتىٰ من مجرّد الوقوف علىٰ قبورهم؛ لأنّهم استبطنوا الكفرَ باللّٰه ورسوله، ولو كان المنافق كما هو معهود عنه يمتلك خصلة سيئة واحدة تتمثّل بكفره الباطنيّ وحقده الدفين في قلبه، فإنَّ للمشرك خصلتين أسوأَ من تلك؛ لأنّ المشركين كافرون باطناً وظاهراً، ويلهجون بالكفر بألسنتهم وقلوبهم، وينكرون اللّٰه ورسوله ويكفرون بهما؛ لذا كان من الطبيعي أن يكون ذلك النّهي أشد في المشركين منه في المنافقين، وعدم الدعاء أو الوقوف عند قبورهم، لا كما أدّعىٰ ناقلو الحديث أنَّ الدعاء والوقوف عند قبر المنافق ممنوع، وأنّه يجوز مقابل ذلك الوقوف عند قبور المشركين دون الدعاء لهم.
2 - إذا كان الحديث الذي نقله أبو هريرة يدلَّ علىٰ عدم رضا اللّٰه عن آمنة، ومنع رسوله صلى الله عليه و آله من الاستغفار لها، فإنّ لدينا في مقابل ذلك حديثاً آخر نقله لنا الصحابيّ الجليل عبداللّٰه بن مسعود أنّ رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله لما وصلَ قبر أُمّه قال: «هذا قبر آمنة، دلَّني جبرائيل عليه» 6، ولا شكَّ في أنَّ حديث الرسول صلى الله عليه و آله الذي نقله عبداللّٰه بن مسعود يُشير بكلّ وضوح وجلاء الىٰ عِظَم شخصية آمنة وقداستها حين