254
فلمّا عرفتُ الدار قلت لربعها
ألا أنعم صباحاً أيّها الربع وأسلمِ
ثمّ عاد بالذاكرة إلى الوراء يسترجع ساعة الفراق، ويصف النساء اللاتي ارتحلن عنها، فيتبعهنّ ببصره كئيباً حزيناً، ويصف الطريق الّتي سلكنها، والهوادج التي كنّ فيهاو. . . :
بكرن بكوراً واستحرنَ بسحره
وكأنّه حينما وصل إلىٰ هذا المنظر الجميل الفتّان سبح به خاطره إلى جمال الخلق وروعة السلوك، وحبّ الخير والتضحية في سبيل الأمن والاستقرار، فشرع يتحدّث عن الساعين في الخير، المحبّين للسلام، الداعين إلى الإخاء والصفاء، فأشاد بشخصين عظيمين هما هرم والحارث، وذلك لموقفهما النبيل في إطفاء نار الحرب بين عبس وذبيان، وتحمّلهما ديات القتلىٰ من مالهما وقد بلغت ثلاثة آلاف بعير، قال:
سعى ساعياً غيظ من مرّة بعدما