239دواوينهم بدليل قوله:
والجعفري وكان بشرٌ قبله
لي من قصائده الكتاب المجملُ
وبعد ابيات يقول:
دفعوا إليَّ كتابهنّ وصيّةً
فورثتهنّ كأنّهنّ الجندلُ 1
كما روي أن النابغة وغيره من الشعراء كانوا يكتبون قصائدهم ويرسلونها الىٰ بلاد المناذرة معتذرين عاتبين، وقد دفن النعمان تلك الأشعار في قصره الأبيض، حتّىٰ كان من أمر المختار بن أبي عبيد واخراجه لها بعد أن قيل له: إنّ تحت القصر كنزاً 2.
كما أن هناك شواهد أخرى تؤيّد أن التعليق على الكعبة وغيرها - كالخزائن والسقوف والجدران لأجل محدود أو غير محدود - كان أمراً مألوفاً عند العرب، فالتاريخ ينقل لنا أنّ كتاباً كتبه أبو قيس بن عبدمناف بن زهرة في حلف خزاعة لعبد المطّلب، وعلّق هذا الكتاب على الكعبة 3. كما أنّ ابن هشام يذكر أنّ قريشاً كتبت صحيفة عندما اجتمعت على بني هاشم وبني المطّلب وعلّقوها في جوف الكعبة توكيداً على أنفسهم 4.
ويؤيّد ذلك أيضاً ما رواه البغدادي في خزائنه 5من قول معاوية: قصيدة عمرو بن كلثوم وقصيدة الحارث بن حِلزه من مفاخر العرب كانتا معلّقتين بالكعبة دهراً 6.
هذا من جملة النقل، كما أنّه ليس هناك مانع عقلي أو فنّي من أن العرب قد علّقوا أشعاراً هي أنفس ما لديهم، وأسمى ما وصلت إليه لغتهم؛ وهي لغة الفصاحة والبلاغة والشعر والأدب، ولم تصل العربية في زمان إلى مستوى كما وصلت إليه في عصرهم. ومن جهة اُخرى كان للشاعر المقام السامي عند العرب الجاهليين فهو