236الإثبات، ويفنّد أدلّته، فيما توقف آخرون فلم تقنعهم أدلّة الإثبات ولا أدلّة النفي، ولم يعطوا رأياً في ذلك.
المثبتون للتعليق وأدلّتهم:
لقد وقف المثبتون موقفاً قويّاً ودافعوا بشكل أو بآخر عن موقفهم في صحّة التعليق، فكتبُ التاريخ حفلت بنصوص عديدة تؤيّد صحّة التعليق، ففي العقد الفريد 1ذهب ابن عبد ربّه ومثله ابن رشيق والسيوطي 2وياقوت الحموي 3وابن الكلبي 4وابن خلدون 5، وغيرهم إلى أنّ المعلّقات سمّيت بذلك؛ لأنّها كتبت في القباطي بماء الذهب وعلّقت على أستار الكعبة، وذكر ابن الكلبي: أنّ أوّل ما علّق هو شعر امرئ القيس على ركن من أركان الكعبة أيّام الموسم حتّى نظر إليه ثمّ اُحدر، فعلّقت الشعراء ذلك بعده.
وأمّا الاُدباء المحدّثون فكان لهم دور في إثبات التعليق، وعلى سبيل المثال نذكر منهم جرجي زيدان حيث يقول:
«وإنّما استأنف إنكار ذلك بعض المستشرقين من الإفرنج، ووافقهم بعض كتّابنا رغبة في الجديد من كلّ شيء، وأيّ غرابة في تعليقها وتعظيمها بعدما علمنا من تأثير الشعر في نفوس العرب؟ ! وأمّا الحجّة التي أراد النحّاس أن يضعّف بها القول فغير وجيهة؛ لأنّه قال: إنّ حمّاداً لمّا رأىٰ زهد الناس في الشعر جمع هذه السبع وحضّهم عليها وقال لهم: هذه هي المشهورات» 6، وبعد ذلك أيّد كلامه ومذهبه في صحّة التعليق بما ذكره ابن الأنباري إذ يقول: «وهو - أي حمّاد - الذي جمع السبع الطوال، هكذا ذكره أبو جعفر النحاس، ولم يثبت ما ذكره الناس من أنّها كانت معلّقة على الكعبة» 7.
وقد استفاد جرجي زيدان من عبارة ابن الأنباري: «ما ذكره الناس» ، فهو أي ابن الأنباري يتعجّب من مخالفة النحاس لما ذكره الناس، وهم الأكثرية من أنّها علقت في الكعبة.