229معركة صفين يتبعونه في كلّ مكان يتواجد فيه من ساحة القتال، وهو ينادي: أين مَن يبغي رضوان ربّه، ولا يؤوب إلىٰ مال ولا ولد؟
وفي رواية اُخرىٰ: في يوم من أيام صفين - التي وقعت - علىٰ قول - من أول ذي الحجة سنة 36 وانتهت في 13 صفر سنة 37 وعلىٰ قول الطبري كان وصول الإمام علي وجنده الىٰ صفين في أواسط ذي القعدة سنة 36 أو في العشرين منه، وعلىٰ رواية المسعودي أن مقامهم بصفين كان مائة يوم وعشرة أيام، كان فيها نحو تسعين أو سبعين وقعة - رجع عمار الىٰ موضعه من المعركة فاستسقىٰ، فأتته امرأة من بني شيبان من مصاخهم بعس فيه لبن. فدفعته إليه، وروي أن الذي سقاه أبو المخاريق 1، فقال: اللّٰه أكبر، اللّٰه أكبر، اليوم ألقى الأحبة تحت الأسنة، صدق الصادق. وبذلك أخبرني الناطق. وهو اليوم الذي وعدتُ فيه، ثم قال: أيها الناس هل من رائح إلى اللّٰه تحت العوالي (الرماح) ، والذي نفسي بيده لنقاتلنهم علىٰ تأويله كما قاتلناهم علىٰ تنزيله، وفي قول أنه نادىٰ اني لقيتُ الخيار وتزوجت الحور العين. اليوم نلقىٰ محمداً وحزبه. وانطلق يجول في ساحة المعركة وهو يقول:
نحن ضربناكم علىٰ تنزيله
أو يرجع الحقّ الىٰ سبيله
علىٰ مقربة من عمّار، وقف أبو الغادية وهو من جيش معاوية يستحضر موقف عمار من الخلافة الثالثة - فقد كان له موقف يتسم بالقوة والصلابة من هذه الخلافة، التي لم تقضِ بالحقّ، ولم يكن صاحبها ولا ذوو قرباه من الذين يعدلون، وكانت خيمةً انضوىٰ تحتها أعداء الدين، ورتع فيها المنافقون. كلّ هذا دفع عماراً لهذا الموقف الذي يقول عنه ابن كثير: «كان عمار يحرض الناس علىٰ عثمان ولم يقلع ولم يرجع ولم ينزع. . .» 2-، وراح أبو الغادية & يراقب عماراً، فلعلّ فرصة تحدث ليتمكن منه ويداهمه فيقتله.