193خاصّة؟ ! لهذا اقتصر عمله على وصف المناسك وكل ما تقع عليه عيناه وصفاً دقيقاً. . ليس إلّا (21) . ولعل هذا الأمر كان في مقدّمة مهمّته السرّية التي نُدب إليها!
مشاهدات عن الوهابيين
وإذا صرفنا النظر عن مهمّة علي بك السياسية، فإنّه أوّل أوروپي شاهد جموع الوهابيين في مكّة، وحجّ معهم واعتمر، إذ كان الأمير سعود وأبو نقطة يتقدّمان الحجّاج إلى عرفات، وهم خمسة وأربعون ألفاً، ومعهم علي بك (22) .
ومن طريف ما يذكره «علي بك العبّاسي» هذا، الذي أصبح كتابه مرجعاً مهمّاً للغربيين عن مكّة، وصفه لجماعة من البدو الوهابيين الذين جاءوا إلى الحجّ في مكّة سنة 1807م بصفته شاهد عيان (23) ، وقد سنحت له الفرصة لرؤية الجيش الوهابي، وهو يدخل مكة في صباح أحد أيام شباط (فبراير) عام 1807م، عندما رأى حشداً من الرجال يكادون يكونون عراة، وهم متنكّبون البنادق، والسيوف في أحزمتهم (24) .
يقول علي بك: «. . وسرعان ما دخل البلدة جمهور من الرجال العراة، الذين لم يكونوا يلبسون شيئاً إلّاالأسمال التي كانت تستر عوراتهم. وكان عدد قليل منهم يضعون بالإضافة إلى ذلك شيئاً فوق أكتافهم، كما كان قسم آخر منهم عراة بالكلية، لكن الجميع كانوا مسلّحين إمّا بالبنادق أو بالخناجر. وحالما وقعت أعين المكّيين على هذا السيل من العراة المسلّحين، هرعوا إلى البيوت كلّهم، واختفوا عن الأنظار. وكان البعض من هؤلاء يركبون الخيول، مع عريهم وتسلّحهم بالرماح، ويرتلون أدعيتهم وجملهم الدينية بصوت مرتفع كلّ بالطريقة التي يختارها، ومن دون خشوع أو انتظام. وقد تولّى أطفال مكّة، وهم الأدلّاء على الدوام، إرشادهم والطواف بهم؛ لأنّ الكبار قد تلاشوا عن الأنظار. ولذلك أخذوا يمرّون في داخل البيت الحرام، ويقبّلون الحجر الأسود، وكأنّهم مجموعة محتشدة من الزنابير (25) .