140الرحمة، هناك يقف الحجيج ويبتهلون حتىٰ غروب الشمس.
وابن شاد دل أمير عدن، الذي جلب الماء من أماكن بعيدة، وصرف أموالاً طائلة من أجل هذا كما ذكرنا سابقاً، كان قد جلب الماء من هذا الجبل وذهب به إلىٰ صحراء عرفات. وقد أنشأ هناك الأحواض التي تملأ بالماء أثناء موسم الحج ليستقي منه الحاج. وابن شاد دل هذا، قد أنشأ غرفةً عظيمةً علىٰ جبل الرحمة، وفي أيام عرفات توقد المصابيح والشموع، وتوضع علىٰ قبة هذا البناء حتىٰ يمكن للقادم رؤيتها علىٰ مسافة فرسخين.
ويقال: إنّ أمير مكّة قد تلقّىٰ مبلغ ألف دينار من أمير عدن مقابل السماح له بإنشاء ذلك البناء! ! . . .
المشعر الحرام:
في التاسع من شهر ذي الحجة من سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة هجرية، أدّيت مناسك الحج بفضل اللّٰه سبحانه وتعالىٰ، وللمرّة الرابعة. وقد رجع الخطيب والحجيج من عرفات عند غروب الشمس، وقطعوا فرسخاً واحداً حتىٰ وصلوا إلى المشعر الحرام، ويسمىٰ هذا المكان بالمزدلفة، وهو بناء جيد، يشبه المقصورة، ليؤدّي فيه الناس الصلاة، ويأخذوا منه الحصى التي سيرمون بها الجمرات في منىٰ، وجرت العادة علىٰ أن يقضوا ليلة العيد هناك، ثمّ يؤدّوا صلاة الصبح، وبطلوع الشمس يتحركون إلىٰ منىٰ، ليرمي الحجاج الجمرات ويذبحوا أضاحيهم هناك. كما يوجد هناك مسجد كبير يسمىٰ مسجد الخيف. وليست العادة أن تقام صلاة العيد والخطبة بمنىٰ، ولم يأمر المصطفىٰ صلى الله عليه و آله بهذا. فاليوم العاشر يكونون بمنىٰ ويرمون الحصىٰ، وشرح ذلك قد ورد في مناسك الحج. وفي الثاني عشر من الشهر، كلّ من عزم على العودة، يعود من هنا، وأمّا المقيمون بمكّة، فيعودون أدراجهم إليها 1. &