139إلىٰ مكّة لأداء العمرة. ويحتوي هذا المكان علىٰ بئرين: الأولىٰ يُقال لها: بئر الرسول، والثانية: بئر علي بن أبي طالب - صلوات اللّٰه عليهما - وماء البئرين عذب فرات، وتفصلهما عن بعضهما عشرة أذرع، ولا تزال تلك السُنّة قائمة، حيث يعتمر الناس من ذلك الموسم. وبالقرب من تلك الآبار يقع جبلٌ تكثر فيه حُفرٌ حجرية تشبه الجِفان أو الأحواض الصغيرة، ويُقال: إنّ النبيّ صلى الله عليه و آله كان يَعجن الطحين بيديه الشريفتين في تلك الحُفر. وكذا يفعل الناس الذين يذهبون إلىٰ هناك حيث يقومون بعجن الطحين من ماء تلك الآبار.
وتوجد في هذه المنطقة أشجار كثيرة، يأخذون حطبها ليطبخوا عليه خبزهم فيحملوه معهم ليوزّعوه بعد ذلك تبرّكاً. وهناك توجد صخرة كبيره حيث وقف عليها بلال الحبشي ليؤذّن للصلاة، فلهذا يصعد بعض الناس عليها ليؤذّنوا للصلاة. وفي الوقت الذي كنت هناك، كان الحشد عظيماً، حيث زاد عدد الإبل العِمارية على الألف، واللّٰه أعلم بعددها بعد ذلك.
عرفات:
كانت المسافة في الطريق الذي سلكته من مصر الىٰ مكّة هذه المرّة، حوالى ثلاثمائة فرسخ، ومن مكّة إلى اليمن كانت اثني عشر فرسخاً، وصحراء عرفات تبدو وكأنها ضائعة بين الجبال، كالتلال الصغيرة، ووسعها بمقدار فرسخين في فرسخين. وهناك مسجدٌ في هذه الصحراء بناه إبراهيم عليه السلام ولكن لم يبق منه غير منبر خَرِب من الآجر، وعندما يحين وقت الصلاة، يصعد عليه الخطيب، ويُلقي خطبته، ثمّ يُؤذّن للصلاة، وتُؤدَّىٰ ركعتا الصلاة جماعةً وقصراً كصلاة المسافر. والجميع في هذا الوقت يؤدّون ركعتين اُخريين من الصلاة جماعةً، ثم يركب الخطيب على البعير ويتجه نحو المشرق.
جبل الرحمة:
وعلىٰ بُعد فرسخ من هناك، يوجد جبل صغير وحجري يُقال له: جبل